الجمعة، 27 فبراير 2015

ذلك الكتاب 3 (معنى الكتاب)

"وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان..الأية "..
ماذا لو تخيلنا العالم قبل القرآن..؟؟ قبل بعث الرسول عليه السلام..كيف كانت نظرة الناس للكتب المقدسة..؟؟
ما الذي كان يعنيه للناس "الكتاب" ؟؟
عندما نقرأ التوراة والإنجيل التي بين أيدينا اليوم..فإننا نستطيع أن نستشعر ما الذي كان يراه الناس في الكتاب من قبل القرآن..حتى لو قرأناه باللغة الأصلية..فالأمر ليس اللغة والتراكيب..بل في ما هية الكتاب..معنى الكتاب..لا شك..أنه عند مقارنة القرآن بالكتب المقدسة المتداولة بين أيدي النصاري واليهود اليوم..فإننا ندرك تماماً أن القرآن هو النص الوحيد الذي يمكن أن نسميه نصاً سماوياً..كلمات إلهية..النص الوحيد الذي يمكن أن نقول عليه كتاباً مقدساً..ف بالنظر إلي الروايات التي تقصها علينا الكتب المقدسة..نلاحظ أنها تميل إلى التأريخ أكثر من ميلها إلى التعليم..أو الخطاب الروحي..فالروايات تُقص في الكتاب قصاً..على أناس حدثت لهم وشاهدوها..وليست خطاباً لهم لتدعيم الإيمان أو بذر بذوره..أو إسقاطاً لما حدث على تشريع..ولنكون أكثر وضوحاً..إننا نجد قصة مثلاً مثل إحياء يسوع للموتى..نجد سردها يأتي سرداً قصصياً.."إن يسوع كان يمشي فجاءه رجل فطلب منه أن  يحيي ميتاً..ففعل..وتعجب الناس"..فالقصة لاتعدو أن تكون رواية لما حدث..هي سرد لقصة حدثت..يفترض أنها أنزلت على من شاهدوها وتناقلوها..ولا حاجة لهم بنزولها وتلاوتها كوحي من السماء..قصة شفوية تدل على قدرة يسوع وكفى
كذا نجد في التوراة..سرد لقصة موت موسى ودفنه..فكيف يفترض أن ينزل هذا الكلام على نبي –أحداث موته ودفنه -ويتلوه على أتباعه..وما هو الغرض الفعلي لنزولها وحياً يتلى إلى يوم الدين..وما هي الدروس المستفادة من قصة كتلك..إنها سرد قصصي عقيم يستحيل أن يكون الرب قاله أو موسى كتبه..
السؤال الذي يجب طرحه..هل العالم قبل القرآن كان يعرف معنى الكتاب..هل هكذا هي الكتب المقدسة المنزلة..هل هكذا تكون الكتب السماوية..يأتي رجل ليسأل يسوع أن يشفي إبنته فيشفيها والناس يتعجبون..فينزل الوحي..يقول لقد أتى رجل ليسوع وسأله أن يشفي إبنته فشفاها وتعجب الناس..؟؟ما هكذا يكون التنزيل ولا ينبغي له..
فعلى نحو مخالف تماماً..نجد القرآن عند روايته لقصة فإنه يرويها بغرض غير التأريخ.. فإنه يروي قصة للأقدمين ليخرج منها بعبرة يحدث بها الناس..ليعلم الناس كيف كفر أو أمن الذين من قبل..ليتعلموا الكتاب والإيمان..وليشهدوا على الأمم السابقة..وليعرفوا الطريق الوسط بين إفراط الأقدمين وتفريطهم..ولا يروي قصصاً حدثت وشاهدها الصحابة..إلا من قبيل أن يأتي بحدث أو حدثين في القصة بغرض الإعتبار مما حدث..كأن يوبخهم على ما حدث..أو يزيدهم إيماناً كأن يكافئهم على طيب فعلوه..أو يسن تشريعاً جديداً..وليس سرداً لما حدث توثيقاً له في الكتاب..
هكذا يكون التنزيل وهكذا تروى القصص من السماء..وليس في كتب التاريخ..
كما أنه هكذا يكون البلاغ..معجزاً عند سرد قصة..كما فعل القرآن مع أهل الكتاب..فإنهم قد إتهموا النبي بنقل القرآن من التوراة والإنجيل..ولم تكن التوراة ولا الإنجيل مترجمين للعربية أصلاً..ولم يكن رسول الله كاتباً ليقرأ نصاً عربياً فضلاً عن الأعجمي..فجاء القرآن..بمفاجأة  ليست في الحسبان..لقد أتى القرآن للنصارى بمعجزات وحكايات عن نبي الله عيسى لم تذكر في كتبهم التي بين أيديهم..والتي إتهموا الرسول بالأخذ منها..بل في الكتب التي خبأوها وإعتبرت ليست من النصرانية إخفاءاً للحق الذي بها والذي يفضح أسرارهم وتزويرهم للكتاب..وعليه فإنها لم تكن مترجمة..بل أكثر من ذلك  كان يجهل  وجودها عامة جماهيرالنصارى..ومعظم الخاصة سمعوا عنها ولم يطلعوا عليها..
فخلق المسيح عيسى من الطين كهيئة الطير والنفخ فيه بإذن الله..ليس مذكوراً في الأناجيل المتداولة بين أيدي النصارى قديماً وحديثاً..بل هو وارد في إنجيل توما"الأبوكريفي "أو مايسمي بإنجيل الطفولية..وهو يذكر معجزات عيسى في الطفولة..وهذا لم يكن مترجماً ولا متداولاً..ولا يعرفه إلا كعوب الأحبار..وخواص خواص الصفوة النصرانية واليهودية..الذين أخفوه أصلاً عن الناس..وكلامه في المهد..وهزالنخلة للسيدة مريم لتسقط رطباً..وظهورالنهر تحتها عند ولادة المسيح..وإخبار بني إسرائيل بما يطعمون أو يخفون في بيوتهم..كل هذا غير مذكور في الأناجيل التي إتهموا بها القرآن ومذكور في أناجيل الأبوكريفا..المخفية عن صفوة أحبارهم..
ثم يقول القرآن لهم.." أولم يكن لهم أيه أن يعلمه علماء بني إسرائيل" الذين هم على علم بما أبدوا وأخفوا من القصص..
إن القرآن قد غير فكرة الناس في كل مكان في وقت نزوله عن معنى الكتاب..عن معنى التنزيل من السماء..كان ثورة على ما قد فسد من فطرة الناس..فلم يعودوا يعرفوا الكتاب و لا الإيمان..لذا كان للقرآن تأثير مختلف على كل من يستمع له..فمنهم من يبكي..ومنهم من يدخل في الإسلام طواعية..وغير ذلك من عجيب التأثير..حتى كان بعض من صناديد قريش يتسلل ليلاً ليسترق السمع من رسول الله وهو يصلي عند الكعبة..حباً لسماع "الكتاب"..نعم..هذا هو حقاً "الكتاب"..الذي لم يسبق لهم أن سمعوه ولا عرفوا معنى التنزيل من السماء..ذلك الكتاب هو الذي يعلمنا معنى التنزيل..ومعنى التعليم من السماء..يعلمنا ما الكتاب والإيمان..
هكذا تكون المعجزات البلاغية..هكذا يكون الكتاب..يعلمنا  من الوحي ما تستفيد منه أرواحنا وضمائرنا..وليس العروش والخزائن وكتب التاريخ

ذلك الكتاب 2 (الأثر يدل على المسير)

نعرف اليوم ويعرف كل من له علم بالأدب واللغة والأساليب والفكر والقصص والرواية أو حتى الكتب العلمية..أن لكل كاتب أسلوب..نعرف به الكاتب..وتكاد بعض النصوص أو الكتب أو المقالات عند قراءتها يعرف كاتبها تلقائياً..وكأنك تراه بين السطور أو تسمع صوته ينطق بالجمل والتراكيب..فلكل كاتب أسلوب وتراكيب وتشبيهات وطريقة في بناء المقال يعرف بها عن غيره..حتى يكاد بعض الكتاب يعرف عنهم ألفاظ بعينها..يكثر من إستخدامها..بل قد ينفرد بها..فكل إناء ينضح بما فيه..والبعرة تدل على البعير..والأثر يدل على المسير..ونعرف أيضاً أن المتابع الجيد لكاتب بعينه إذا قرأ مقالات أو كتب هذا الكاتب في أول حياته أو مطلع شبابه  لوجد إختلافاً جسيماً وفرقاً شاسعاً بين أسلوبه..وتراكيبه..وطريقة البناء وتسلسل الأفكار..في أول حياته عن منتصفها..عن أخرها..فضلاً عن مراجعات الأفكار..وحصيلة الإطلاع الجديد..وزوال الغشاوة..وإتضاح الأفكار التي كانت مشوشة..وإنهيار قناعات..ونشوءغيرها..كل هذا تجده في الكاتب الذي تجمع أفكاره وأعماله الكاملة..في مجلد واحد..تستطيع أن تعرفه في بدايته ونهايته من مدى إتساع الفارق بين هذا وذاك..
نزل القرآن منجماً..عشرون عاماً من التنزيل..والقرآن لا دخل له بكل ما قلنا..
فمهما قرأت القرآن..من أيات الفتح  لأيات التشريع لأيات العهد المكي..لأيات الوعد والوعيد..لا تستطيع –إن لم تكن على علم مسبق –أن تحدد هل الأية نزلت في أول التنزيل أم بعد عشرين عام..إنك تجد  "إقرأ بسم ربك الذي خلق "..وتجد "وإتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"..لا تستطيع أن تحدد من كانت الأولى ومن كانت قبلها بعشرين عاماً..وعلى مدارالقرآن..لا تملك ولا يملك أي إنسان أن يضع يده على أية ويقول إنها مخالفة لسياق القرآن الكلي..أو إنها تدل على نضوج الكاتب خلال عشرين سنة..وحدة واحدة..بنفس القدر من البلاغة والبلاغ..بنفس الإعجاز المذهل..على نزوله في أوقات متفرقة منها الفرح والحزن والضيق والفرج والنصر والحرب والهزيمة والإستشهاد والجدال والإختبار..والكتاب محتفظ في النهاية بشخصية واحدة..ونفس النسق العام والنغم الكلي..بنفس النظم الأخاذ..والإبداع الممتع..فلا شك أن تكون  فيه الدلالة  القاطعة على كاتب لا يمر عليه الزمان و لا تغير تفكيره الأحداث..ولا الأفات..فهو شديد الإعجاز في دلالته على قائله..
وهنا تبرز لنا لطيفة أخرى..فإن القرآن نزوله كان مفاجئاً بشكل دائم..على غير إنتظار..من الرسول ولا من الصحابة..ولا حتى من السائل الذي ربما يكون التنزيل إجابة له..فينفي القرآن نفسه بذلك شبهة التعمد والنظم..والمراجعة..وحسابات الكاتب..ومقابلة الظروف..والتفكير والتأمل في الموقف للخروج بأفضل الحلول..ثم نظمه على وتيرة  تتفق مع شخصية الكتاب وأسلوبه..هذا التقطيع في التنزيل..وهذه الوحدة في الأسلوب من اليوم الأول للتنزيل حتى اليوم الأخير..مع تعدد الأخبار..من قصص أنبياء..لإخبار بمغيبات..لتشريع..لوعد ووعيد..هو حجة قائمة..على من سمعه..ومن نزل عليهم..دليل على من قاله..وعلى أمانة من نزل عليه..وأمانة من نقله إلينا..حرفاً حرفاً..فسبحان الذي أنزله وتعهد بحفظه فحفظه..وأتقن كل شيء عملاً

ذلك الكتاب 1(لغة الله)

ذلك الكتاب المبهر المدهش..ذلك الكتاب المحير المعجز..ذلك الكتاب المقدس الهادي للطريق..ذلك الكتاب المعلم المتحدي..ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين..أحاسيس لا تفارق القاريء المتأمل للقرآن خصوصاً في عصرنا هذا..ويقف المنكرون للإعجاز العلمي منه موقفاً مائعاً غير مفهوم..فينكرون الإعجاز في القرآن مع إعترافهم بأنه معجزة..وعندما تسألهم فما هي المعجزة إذن..يخبرونك أنها الإعجاز الأدبي البلاغي..فقط
فقط؟؟
أي هراء هذا..وأي عقل فارغ وراء هذا الكلام..؟؟هل ما تهديكم إليه عقولكم هو هذا الكلام السخيف..؟؟هل يخبرك عقلك أن بلاغة الرجل البليغ دليل على تأييده من السماء؟؟هل يخبرك عقلك أن فخامة النص الفخم..أو بلاغته أياً كان مبلغها من الأدب والبلاغة..تدل على أنها قول من عند رب العالمين..؟؟
نتفق جميعاً أن البلاغة هي من أعظم صفات القرآن..ومعجزة أعجزت الفحول اللغويين عن مضاهاتها..بل وصفت بأن لها السيادة في الأدب العربي..فنص القرآن نسيج وحده..فريد معجز غير قابل للتقليد..حتى قسمت اللغة إلى نثر وشعر وقرآن..ولكن ليست هذه النظرة السطحية هي التي جعلت من القرآن معجزة خالدة إلي يوم الدين..وليست البلاغة في السجع والكناية والتشبيه..بل الأمر أبعد من كل هذه السطحية البلهاء..
الآن نبحر سوياً في بعض من بحار الإعجاز في هذا الكتاب المذهل..
بداية فإننا نتكلم عن  لغة القرآن..فوجب علينا أن نقدم لها بقولنا عن اللغة الأصلية للقرآن..فإننا من واقع النصوص التي زخر بها القرآن وأقوال رسول الله فإننا نستطيع الجزم بأن القرآن في أصله ليس عربياً..بل القرآن ليس بلغة من لغات البشر..بل هو كلام الله..بلغة إلهية -إن صح التعبير-هي لغة الله..اللغة التي كتب الله بها كلماته في أم الكتاب..فالتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وصحف موسى..ومزامير داوود.. كلها نصوص خاصة لقوم مخصوصين في فترة خاصة من تاريخ الزمان..ولم يتعهد الله بحفظها لأنها ليست كالنص الدائم..النص الأخير..الذي هو الذكر..المكتوب في أم الكتاب..الناسخ للنصوص المؤقتة السابقة له..والذي يحشر عليه الناس.." وَمَاأَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ".. وكلها مكتوبة في أم الكتاب بلغتها التي نزلت بها..أما القرآن فقد أنزله الله بلسان العرب..فالقرآن الذي بين أيدينا ليس فقط  كلمة الله..بل أيضاً ترجمة الله للقرآن باللغة العربية..وبإمكاننا الإستدلال على ذلك من نصوص عدة..
كقوله تعالى في سورة يوسف " الر* تلك أيات الكتاب المبين *إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون "..هنا يتكلم الله وكأنه يصف "الر" بأيات الكتاب المبين..ثم يتكلم عن الكتاب المبين واصفاً إياه بأنه أنزل عربياً..أي أن الكتاب المبين في السماء بلغته الأصلية الإلهية..ونزل على الأرض حين أنزل..عربياً
ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى " كتاب فصلت أياته  قرأناً عربياً لقوم يعقلون " فصلت 3 وفي الزخرف..تكاد تُحسم القضية فيقول الله "حم*والكتب المبين *إنا جعلنه قرأناًعربياً لعلكم تعقلون*وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم *" الزخرف 1-4
هنا يتكلم الله عن (حم والكتب المبين) ثم يقول إنه جعله عربياً..أي أنه غير عربي في الأصل..بل هو أعلى وأجل من هذا..فيقول إنه عندنا في أم الكتاب لعلي وحكيم..ولكنه جعل عربياً حال التنزيل..لعل البشر يعقلوه بعدما نزل بألسنة أخرى على أقوام أخرى تم تحريفه والإلحاد في أياته..ومما يؤكد هذا..تعدد قراءاته..فإننا في ترجمتنا نحن أهل الأرض من الإنجليزية للعربية مثلاً نعرف كلمات يكون لها معان مختلفة برغم من كونها كلمة واحدة في الإنجليزية..والقرآن لغة إلهية..والكلمة في هذه اللغة تحمل معاني عدة في العربية تتقارب في المدلول أو تتباعد..فهذا مستساغ عندنا لا ننكره في علومنا نحن أهل الفناء..فنجد رسول الله يقول مثلاً..في تعدد القراءة المنزلة للأية الواحدة..لو قلت غفوراًرحيماً أو قلت:سميعاً حكيماً ، أو قلتُ:عليماً حكيماً ، أو عزيزاً حكيماً ف الله كل ذلك..فالإسم عند الله مكتوب بلغة إلهية..وعند ترجمته للغة العربية حال الوحي..فإن  اللفظ يترجم لسميع حكيم..وعزيز حكيم..وعليم حكيم بالإضافة إلى غفور رحيم..فالكلمة التي في أم الكتاب تحوي كل هذه المعاني..وقد فطن رسول الله طبعاً لهذا..فإستزاد الوحي في القراءات حتى وصل إلى سبعة أحرف..كلها كاف شاف..أي أن القراءات إستوفت المعاني كلها للكلمات الإلهية..وهذا يعني أيضاً ضرورة الإلتزام بالترجمة الإلاهية والنص الذي بين أيدينا..ويؤكد هذا الأحاديث عن إسم الله الأعظم..فإن رسول الله قد تكلم عنه دائماً متضمناً لأيات تحمل أسماءأ عدة وليس إسماً واحداً..ذلك لأن إسم الله الأعظم هو كلمة واحدة إلهية اللغة..فإنه يتضمن مجموعة من المعاني يعبر عنها في العربية بكلمات متعددة وأسماء متعددة فإسم الله الأعظم -إلاهياً-كلمة واحدة..وترجمته هي كل الأسماء التي في خواتيم الحشر"الله..لاإله إلا هو..الملك..القدوس..السلام المؤمن المهيمن..العزيز الجبارالمتكبرالخالق البارئ المصورالعزيز الحكيم "
فنفس اللفظة تحمل معنى التوحيد الموجود بسورة الصمد..والأسماء في خواتيم الحشر..وفي أية الكرسي..لذلك نرى أن القرآن الذي بين أيدينا علي حكيم..معجز مبهر..له عند ربه منزلة أعلى وأحكم مما لدينا..وهو بيننا دليل قاطع وحجة وبرهان..لم يكن في الكتب السماوية الأخرى..لذلك فقد تعهد الله بحفظه..لأنه حوى كل ما مضى قبله ورفع إصره..وأقر كثيراً من تعاليمه بغير إصر..فهو في أم الكتاب علي حكيم..وعلى الأرض قرآناً عربياً مترجماً لبني الإنسان..ومن هنا نقول أنه كان من الخطأ أن يُتعبد بالقرآن مترجماً لأي لغة..لأن خروجه عن لغته هو فقط تعبيرعن معناه العام فترجمته للإنجليزية مثلاً تحصر المعاني..في كلمة واحدة..تختلف في مدلولها من عصرلآخر بل ربما من منطقة جغرافية لأخرى..على حسب رواجها أوإهمالها في الإستخدام اللغوي..لا تؤخذ منها ولا يستفاد منها علوم أخرى روحية تستفاد من الوحي..فالترجمة واجبة ولكنها لغير التعبد..
والفرق ظاهر أيضاً بين بلاغة القرآن بمقاييس العربية..وبين بلاغة التوراة بمقاييس العبرية..وكذلك سائر الكتب لم يذكرعنها-لغةً -أمر ذو أهمية تذكر..