الاثنين، 18 مايو 2015

الذين سبقونا علي الأرض..(الكوكب المشتعل 2)

تأتي القصص الغريبة التي تروي عبر السنين في المرتبة الأولي من إهتمام البعض منا بينما لا تأتي في إهتمام الأخرين علي الإطلاق..ويعتبرونها نوعاً من الهذيان أو الحكايات الأسطورية التي يراد منها تخدير العقول..أو هي أوهام بعض البشر ولا داع للإلتفات لها مطلقاً..ومن أكثر التعليقات التي ربما سمعتها يوماً من المقربين هي أنه إن كانت المخلوقات الفضائية أو الغير آدمية حقيقية فكان لابد أن يأتي منها في القرءآن أو السنة ذكر..تصريحاً أو تلميحاً..وكنت دائماً أجيب بأنه بالفعل هناك ذكر لكائنات لا نعرف ماهيتها..كالجساسة..وكالطير الأبابيل التي أهلكت أبرهة الحبشي و شاهدها أهل مكة عام الفيل ولم ينكر ذكرها علي رسول الله أحد عندما نزلت سورة الفيل..ولكن للحق لم تكن فكرتي قد نضجت عن يأجوج ومأجوج..برغم غرابة الإسم وإبهامه وإختفاء هؤلاء القوم خلف الستار رغم فسادهم..وإرتباط ظهورهم وحدهم لأهل الدنيا بقرب يوم الحساب..
وللحق أعتقد أن الذي شجعني علي التأمل وبلورة الفكرة هو إنتشار الكلام وكثرته في أيامنا هذه علي الأرض المجوفة..وظهور أدلة كثيرة علي حقيقتها بل وتصوير فتحات مداخل الأرض المجوفة في القطب الشمالي..كما شجعني يقيني الشخصي علي قرب خروج الدجال ومن ثم ظهور يأجوج ومأجوج..
وعندما نتأمل الأثار التي وردت عنهم نجد النبي عليه السلام يصفهم بأن منهم قوم طولهم شبر..ومنهم من طوله ذراع..ومنهم من طوله كشجرة الأرز..وفي حديث للنبي قال "إذا تشاجر أحدكم فليجتنب الوجه فإن الله قد خلق أدم علي صورته"..فأياً ما يكن المقصود بكلمه صورته..فإن الذي يفهم من الكلام أن أدم وبنيه لهم نفس الشكل والخلقة..فإذا تعاظمت بعض أجساد أبناء أدم أو تأقزمت..فصورة الوجه والخلقة واحدة..فليس من أبناء آدم ولا حتي الأقزام منهم من طوله شبر وليس منهم من طوله كشجرة الأرز..ووجود مثل هذه الأطوال..مع ورود صفات أخري كوجود أذنين كالفيل تفترش واحدة وتلتحف الأخري..يدل قطعاً علي إختلاف الخلقة عن آدم وبنيه..مما يجعلنا نجزم بأن قول الله "لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" هو مقارنة بمن عاش علي الأرض قبل خلق آدم..من جن و يأجوج ومأجوج..
وقد ثبت علمياً فشل نظرية التطور..فليس هناك أجناساً تطورت عن أجناس سابقة..فوجود ما نسميه حفريات لحيوانات كبيرة من نفس أنواع الحيوانات التي تعيش معنا الآن..لم يعد غير مفسر بعد فشل نظرية التطور..بل ما هو إلا بقايا الحيوانات التي عاشت مع يأجوج ومأجوج قديماً علي الأرض..أو التي تشرد من أسرابها في جوف الأرض عبر مئات السنين وتنجرف لسطح الأرض وتموت فيها..كذلك ما نراه من هياكل عظمية عملاقة وليس علي الأرض ذكر لعماليق بهذا الشكل..ولا حتي قوم عاد..
وربما يمر علي العقل سؤال..لماذا لا يكون يأجوج ومأجوج هم أصل الإنسان..ويكون آدم من ذريتهم متطوراً عنهم..فإجابة ذلك السؤال تعود إلي نظرية الخلق المباشر لآدم..فهل آدم خلق خلقاً مباشراً وأقحم علي الحياة والوجود فجأة أم عن طريق السلالة من خلق قبله..والحق أن آدم وجد فجأة وخلق خلقاً مباشراً والأدلة علي ذلك كثيرة منها علي سبيل المثال قصة إبني آدم عندما قتل قابيل أخاه لم يعرف طريقة لدفنه ومواراة جسده..فأرسل الله له الغراب ليريه كيف يواري سوأته..ولو كان آدم وبنيه قد أتوا من نسل وسلالة لعرفوا كيفية التعامل مع الموت..والحفر والدفن..ولكنهم كانوا مع أول تعامل للإنسان مع الموت وهو ما يؤكد عدم وجود كائنات معهم تموت وتتدافن..
وقد يكون يأجوج ومأجوج قبل خلق آدم قد حكم عليهم بالتيه في جوف الأرض إلي يومهم الموعود فيخرجون..وهو بالنسبة لآدم وأبنائه علامة من علامات الساعة..
ولسائل أن يسأل..كيف يكون يأجوج ومأجوج أيام ذي القرنين كفار ومفسدون..ونسلهم إلي يوم القيامة كفار ومفسدون..ومحكوم عليهم بالنار..كما قال النبي أن بعث النار من كل ألف تسعمئة وتسع وتسعون من يأجوج ومأجوج وواحد من المسلمين..فالجواب أيضاً بطريقة عقلية..أن هؤلاء طويلو الأعمار جداً..حيث يموت الواحد منهم وقد رأي ألفاً من نسله..فلنا أن نتخيل أن الذي بيننا وبين أجدادنا الذين عاشوا أيام النبي محمد ثمانية وعشرون أباً و جداً..أي أن ألف وأربعمئة عام بها ثمانية وعشرون رجلاً وجيلاً من السلالة فمن يري ألفاً من نسله كم عليه أن يعيش..من هنا نعلم أن يأجوج ومأجوج الذين عاشوا أيام ذي القرنين لا يبعد أن يكونوا هم الذين يخرجون  في اليوم الموعود..فهم ربما يعيشون فترة آخر الزمان لهم قبل يوم القيامة..كما سيعيش أبناء آدم آخر زمانهم..والعلم والإيمان مقبوض ولا يقال علي الأرض الله..ويظلون يتهارجون فيها تهارج الحمر حتي تدركهم الساعة وهم علي ذلك..كذلك يأجوج ومأجوج يعيشون مرحلة تهارج الحمر قبل الساعة منذ أيام ذي القرنين..
ولا نستطيع أن نجزم بشيء حيال ذلك ولكن من الجدير بالذكر أن الآثار المصرية القديمة تشير إلي شيء ما حول الموضوع ذاته..فعلي جدران المعابد نجد أشياءاً لا نفهما مثل رسمة أنوبيس الذي هو إنسان برأس كلب..ونجد أبو الهول الذي هو رأس إنسان بجسد أسد..ولا نفهم علي وجه الدقة ما هو المقصود من هذه الأثار..فالذين تركوا هذه الأثار لم يكونوا أغبياء ولا ساذجين لكي يصنعوا تمثالاً بهذا الحجم ليقولوا أن الملك كالأسد..ولا أحد يعرف ما الذي يشير إليه أبو الهول أصلاً وما السبب الرئيسي لوجوده..فهل من الممكن القول بأن الفراعنة كانوا مختلطين بهؤلاء القوم..أو أن هذه الأثار أصلاً كانت ملكاً لشعوب جوف الأرض..وليس في الأمر رموز كما نظن..بل هي أشكالهم فعلاً..فمثلاً أنوبيس هو عندهم حارس الأرض السفلية..وهم الآن كما نظن يسكنون الأرض السفلية..فما هو الرابط بين هذه الأثار وهذه الشعوب..خاصة إذا نظرنا للإعجازالحقيقي في بناء تلك الأبنية بما لا يتناسب مع ما نعرفه عن عجز تقنياتهم أو ما كنا خطأً نعتقده عن عجزهم..أعتقد أن نظرتنا الجديدة للأمور قد تفسر الأمر كثيراً إن لم تجعله شديد الجلاء..
ولعل هذه النظرة أيضاً تفسر لنا كيف يكون المسيح الدجال متواجداً منذ زمن الرسول وحتي يوم خروجه  قرب الساعة..وكيف يكون فتاناً للناس فيصدقون أنه إله..فهو مثلاً غير ما نألفه من الإنسان خلقةً وجسماً..يأتي من السماء راكباً طبقاً طائراً أو حيواناً شديد الضخامة..من حيواناتهم..وصفة حماره تتفق مع ما نقل لنا عن حيوانات جوف الأرض..ثم هو بهذه الهيئة الغير مألوفة يبدأ يقيم الدين ثم يدعي النبوة ثم يدعي الألوهية..فما أسهل مهمته حينها لكي يؤمن به الناس..فهو ليس كالناس وليس مثل شيء مما يألفه الناس ومعه من العجائب ما يغويهم ويكسر الحاجز الجليدي بينه وبين إيمان الناس به..كذلك تفسر لنا تتابع خروج يأجوج ومأجوج بعده مباشرة لتكملة الغزو أو للإنتقام له..بعد فشله وموته علي سطح الأرض..
وقد عرفنا ان كثيراً من المنظمات والدول تحاول الوصول لسكان جوف الأرض والإتصال بهم..واليهود أكثر من غيرهم يتوقون لذلك..فلا يبعد أن يكون يهود أصفهان هم الذين يصلون إليه قبل غيرهم ويستطيعوا شق طريق أو إيجاد أحد المنافذ التي يخرجونه منها لينطلق من هناك- كما أخبرنا الرسول- مع سبعين ألفاً من اليهود عليهم الطيالسة..
و ربما يسأل سائل أيضاً لماذا لم تذكر أخبارهم كثيرة في القرءآن والسنة..والإجابة أن هذا من رحمة الله بنا..فإن الأمر مقدر لا يتم الخروج لهم إلا في يوم معلوم..ولن نحتك بهم أصلاً فسيخرجون ويهلكون وينتهي الأمر علي هذا الحال..فلا فائدة لنا من البحث عنهم أو معرفة الكثير من أخبارهم..ولكن يقدر الله أن نفهم من الأحاديث والآيات ما فهمناه الآن لكي نفسر ما إستعصي تفسيره علينا من قبل..لمزيد من إكتساب العلم و معرفة أنه لا يحق لنا أن نغتر بعلمنا..فمهما بلغ العلم من التقدم..نكتشف أننا كنا نسير علي الطريق الغير صحيح ونعيد النظر والتفكير ونغير النتائج ونفسر الأحداث..

ربما يكون لنا مقالاً أخيراً في هذه المسألة لإجابة ما يتبادر في الأذهان من أسئلة مع مناقشة القراء لكي نستوفي الأمر من كافة جوانبه..والله المستعان




السبت، 16 مايو 2015

الذين سبقونا علي الأرض..(الكوكب المشتعل1)

ربما تكون المسألة المطروحة ليست أكثر من مجرد فكرة عابثة..أو ربما كانت هي الحقيقة الكاملة..أو تكاد تكتمل..عن عالم لم نختبره ولم نحتك به وستنتهي الحياة علي هذا الكوكب- كما نؤمن-من دون أن نتولي من أمره شيء..ولكن الأفكار تتداعي وتكثر الخيوط وتتشابك وتلتقي رغماً عنا -كما سنري-في نقطة واحدة هي التي تدفعنا الآن للكتابة عن هذا الموضوع..ربما كانت الحقيقة..أو لاشيء علي الإطلاق..وأتمني أن تفتح هذه النظرة باباً للتأمل أو الإجتهاد لبلوغ الحقيقة علي كل حال..
الخيط الأول..يخبرنا القرءآن عن قصة بدء الخلق وفيها أن الله يخبر الملائكة "أني خالق بشراً من طين" فإخباره سبحانه عن خلق شيء يقتضي بالضرورة أنه لم يكن موجوداً من قبل..فإما أنه لم يكن هناك من قبل بشرٌ-لا من طين ولا من غيره-أو كان هناك بشرٌ ولكنه من مادة أخري غير الطين..أو كان هناك مخلوقٌ من طين ولكنه ليس بشرياً..ومن رد الملائكة والحوار الذي دار بطول قصة الخلق يمكننا إستنتاج ما حدث..فرد الملائكة "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء"يجعلنا نوقن أن الراجح هو وجود بشر قبل هذا الوقت ولكنهم من مادة أخري غير الطين..لأن الملائكة كانت علي علم بأن البشر تفسد في الأرض وتسفك الدماء..وليس لمادة خلقهم –طين أو غيره–دخل بأفعالهم..فإستنتجوا الكلام من كلمة بشر وليس من كلمة طين..و فهموا من كلمة "بشر" أنه لديه دماء يمكن سفكها..كما أنه لديه شهوة الفساد في الأرض..كما أن الحوار بعد ذلك مع إبليس كان محوره مادة الخلق "النار والطين"..فكل هذا يؤكد لنا أنه كان هناك بشر قبل آدم ولكنهم من مادة خلق أخري غير الطين..وعلي ما يبدو أنها كانت حياة كاملة  مليئة بالفساد وسفك الدماء لدهور طويلة قبل آدم وبنيه وقد إنتهت أو أخذت طريقها نحو الزوال ولم تكن إنتهت بعد..ووجود الجن في هذه الفترة الزمنية يثبت هذا..لأن الملائكة ربطت الفساد بوجود بشر..ولو كانت الجن تفسد في الأرض قبل هذا الوقت لما كان لسؤال الملائكة معني..فأقرب ما سيقولونه..هل سيكون هذا البشر الطيني مفسد مثل الجن المخلوق من نار أم لا..ولكن سؤالهم الذي ورد في القرآن قطعاً يدل علي مشاهدة سابقة لإفساد بشر ذوي دماء سفكت علي الأرض..ومن هنا نعلم أيضاً أن الجن كانوا مع المخلوقات التي تواجدت قبل أدم مختلطون بهم..ولكن إبليس لم يكن قد تشيطن بعد..فإبليس تحول إلي شيطان رجيم ولعن إلي يوم الدين بعد رفضه السجود لآدم..فخلق آدم أدي إلي تمايز الخير والشر في الخلق..ومعرفة المطيع من العاصي..والمتكبر من العابد الخاضع..الحاصل هنا أن هؤلاء المخلوقات قبلنا كانت حياتهم مختلفة عن حياتنا..وشهواتهم غير شهواتنا وغوايتهم غير غوايتنا..وهدايتهم وضلالهم من طرق أخري غير التي نعهدها..من إبليس وقبيله..فإخبار الله بمادة الخلق كان هو الذي يحمل الخبر الجديد..وتشيطن إبليس وإتخاذه غواية البشر هدفاً..كان أمراً جديداً علي الحياة..إنتهي الخيط الأول
الخيط الثاني..عندما خلق الله السموات والأرض..خلق السموات سبعة..ومن الأرض مثلهن سبعة..ودائماً ما يقرن الله في القرءآن بين السموات السبعة والأرض..مما يدل علي محورية الأرض في خلق الله..وييسر علينا هذا الإستقراء فهم إختيار الله الأرض دون غيرها للحياة وبث الخلق من جن وإنس وحيوان ونبات ومخلوق بشري قبل آدم.. ثم آدم..ولكننا عادة لا نسأل عن الأرضين الستة غير أرضنا..برغم عدم قدرتنا علي النفاذ من أقطار الأرض كما فعلنا في السماء..ولكن الإشارات التي نراها في القرءآن ومن مشاهدات وشهادات بعض من الناس ممن يستحيل تواطؤهم علي الكذب والذين يتفقون تقريباً علي نفس المضمون..ما قد يشير إلي شيء ما..فهناك علي أرضنا مشاهدات علي مدار السنين وروايات مختلفة من نساء ورجال ووثائق وآيات في الكتب المقدسة وحفريات وآثار غامضة في الحضارات القديمة..وإكتشافات علمية غزيرة..تؤكد لنا وجود أقوام مختلفين عنا تماماً في القدرات والذكاء والعلم والتقنيات..ولكن إرتبط بالأذهان أن هؤلاء من الفضاء..من كوكب آخر وحضارة أخري أكثر منا ذكاءاً..فبيننا من يصدق ويؤمن بالفضائيين ومنا من يكذب..ويعتبره ضرباً من الجنون..والراجح أنهم حقيقيون..فاللذين نقلوا لنا إحتكاكهم بهذه المخلوقات يستحيل عقلاً أن يتواطئوا علي الكذب..والنقل لوجود المخلوقات الغريبة متواتر لا ينفك عصر من العصور ولا جيل من الأجيال أن يتواتر فيه مشاهدات ووثائق وأخبار متفقة علي نفس المضمون..كما أن في عصرنا هذا هناك صوراً حقيقية ليست مصنوعة أو فوتوشوب لشخوصهم..وهناك جثث كاملة عثر عليها..والأمر ليس موضع إنكار أو تكذيب.بل هو معترف به عالمياً..وهناك آلات طائرة نسميها أطباق طائرة وهي حقيقية وبالفعل فإن تركيبها وتقنياتها بل والمعادن المصنوعة منها أعلي بكثير من إمكانياتنا العلمية وقدرتنا علي فهمها..وقد نقل أنيس منصور في كتابيه "الذين هبطوا من السماء" و كتاب "الذين عادوا إلي السماء" الكثير من المشاهدات والأخبار التي ثبتت عن هؤلاء..
وعلينا أن نسأل أنفسنا هنا..لماذا أرسلنا أفكارنا إلي أقطار السماء..وإقتنعنا أن الكائن الغريب علي الأرض أتي من الفضاء..من كوكب بعيد..شغلته الأرض بأضوائها وزخرفها وزينتها فترك الذكاء الخارق علي كوكبه..لينعم بكوكب عليه كائن أقل ذكاءاً أفسد حتي هواء الكوكب الذي يعيش عليه..؟؟
في حين أن الأقرب للتصور والتصديق..بل والذي تدل عليه مشاهدات وإستقراءات أخري كثيرة علي أن مصدر المخلوقات الغير آدمية هو كوكب الأرض نفسه..وهنا نتناول هذه المشاهدات بشيء من التفصيل..
أول ما نتناوله هو قصة يأجوج ومأجوج..بإعتبارها القصة الوحيدة التي نجزم بيقين ونؤمن بأنها حدثت بالفعل وأن كل حرف في روايتها صادق واقع بلا جدال..لأنها وردت في القرءآن..فتناول القرءآن قصة يأجوج ومأجوج جاء بشكل مجمل وسريع وغير مفصل علي وجه التحديد..كما تناولت السنة يأجوج ومأجوج بقدر كاف ليجعلنا مع القرءآن نفهم أشياءاً ليست بالقليلة..فبتأمل ما ذكره القرءآن عنهم نجد إشارات غريبة..مثل أن القرءآن لم يتكلم أو يصف نبي بعث في يأجوج ومأجوج..ولم يحدثنا عن ماهية إفسادهم..وعندما وصل ذو القرنين لمنطقة "بين السدين" وجد قوماً يشكون إفساد يأجوج ومأجوج..فماذا فعل..؟
لم يأمره الله بقتالهم..بل لم يأمره بوعظهم..بل لم يأمره بالإحتكاك بهم أصلاً..أو محاولة التفاوض معهم..وليس هذا هو المعهود المعروف من الرسل والملوك مع المفسدين في الأرض..وقد قال الله لذي القرنين علي القوم الذين قابلهم عند مغرب الشمس.."إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسناً"..أما يأجوج ومأجوج فلم يأمرهم بمعروف أو ينهاهم عن منكر..والأغرب أن سكان الأرض طلبوا من ذي القرنين أن يبني سداً بينهم فقال لهم أنه سيبني ردماً..وليس سداً..أي أن الذي سيفصل بينهم وبين أهل الأرض هؤلاء حقيقةً هو الردم وليس السد..فالسد غير الردم..فالسد قائم منتصب يحجز خلفه ما لا يستطيع تخطيه..أما الردم فهو لسد شيء محفور في الأرض..أو لغلق فتحة في الأرض..وهو أمر منطقي..فلو كان سداً لتسلقه هؤلاء المفسدون ولو كانوا خلفه لما إحتاجوا لهدمه..بل سيتسلقوه وكفي..أما الذي يتضح من القصة أنهم في مكان منخفض عن الأرض يخرجون منه ليفسدوا معيشة الناس..فسد عليهم ذو القرنين البوابة الأرضية بالردم..فهو كالغطاء..كحبس الجني في زجاجة..وعندما صنعه قال هذا رحمة من ربي..مما يشير إلي أن ذا القرنين لا قبل له بيأجوج ومأجوج..لا حرباً ولا وعظاً..وقال أن يوم خروجهم يوم موعود..وقد أخبرنا النبي محمد أن خروجهم من العلامات الكبري للساعة..وعند خروجهم فإنه لن يواجههم أحد من البشر برغم قيادة عيسي إبن مريم عليه السلام للناس في ذلك الوقت من الزمان الأخير..بل سيحشر الناس إلي جبل الطور..وسيتولي الله إهلاكهم بدون تدخل من أحد..ويخبرنا أنهم يشربون البحيرات والأنهار وسيشربون بحيرة طبرية كاملة..ثم تأتي طيور مثل أعناق الإبل تحمل جيفهم إلي حيث يشاء الله..ليس هذا الكلام معهود عندنا في أي أحد من سكان الأرض..وليس هذا ما نعرفه من تعامل الله مع أهل الفساد في الأرض وتوجيه الأنبياء للمفسدين..وقد حارب الأنبياء علي مدار السنين المفسدين في الارض..وحارب موسي مع بني إسرائيل الجبارين..فأي شيء هم يأجوج ومأجوج..؟؟
لا شك أن صفاتهم تتفق مع ما سمعناه من أخبار غريبة علي الأرض من ظهور أقوام غريبة يصر البعض أنهم الفضائيون..لسفنهم الطائرة..بينما المشاهدات تؤكد وجودهم داخل نطاق الكوكب..بل قصة يأجوج ومأجوج وهي ما نؤمن بأنها الحقيقة الوحيدة المسلم بها في أخبار المخلوقات الغريبة لوجودها في القرءان..تدل علي أن المخلوقات الغريبة عنا موجودون في نطاق الأرض..كيأجوج ومأجوج..وبإمكاننا أيضاً أن نجزم بوجودهم في باطن الأرض بدليل الردم الذي يفصلنا عنهم..وهذا يصرفنا إلي إتجاه مختلف تماماً في البحث..بدلاً من النظر إلي الفضاء حيث لا شيء مؤكد هناك..فنتجه إلي جوف الأرض..وبالتالي نبحث وراء نظرية الأرض المجوفة..
"تتلخص هذه النظرية في أن الأرض التي نعيش عليها مجوفة من الداخل وليست مصمتة و لا مليئة بالحمم و لا قلبها من الصلب كما هو مشاع..بل مجوفة وبداخلها ستة أراض مثلها ببحارهم وأنهارهم وزروعهم وسكانهم..وأن أرضنا ذات فتحتين رئيسيتين في القطب الشمال والجنوبي..هما منافذ جوف الأرض..وهما منفذي معظم من جاءتنا أخبارهم بلقاء أهل جوف الأرض..فجميعهم ركب البحر ثم تلاعب به الموج..أو طار فوق البحر المحيط الشمالي إلي القطب..أو الجنوبي إلي القارة المتجمدة..ومن ثم إلي هذه البلاد الغريبة"..ولنا هنا وقفة مع بعض المواقف والأخبار والخيوط الأخري لنري إلي أي شيء ستقودنا..
فبداية من حديث الجساسة في البخاري والذي يقول فيه تميم الداري أن الموج لعب بهم شهراً حتي أتوا إلي جزيرة فقابلوا فيها دابة أهلب غزيرة الشعر لا يعرفون قبلها من دبرها من الشعر..فظنوها شيطانة..ثم دخلوا علي رجل جسيم عملاق مقيد وعرفوا أنه الدجال..فنحن حتي الآن لا نعرف من هي الجساسة علي وجه التحديد..فالجساسة من نفس جنس الكائنات الغريبة التي يروي مشاهدتها علي مر السنين وكذلك الدجال فوصفه ليس كوصف سائر البشر..وكذلك وصف الرسول للدجال وحماره الذي يفصل بين أذنيه أربعون ذراعاً..وسرعته كغيث إستدبرته الريح..فهي أوصاف تتفق مع ما نقل لنا من سرعة الأطباق الطائرة..ومن ضخامة جثث الأقوام الذين يعيشون كما يقال في جوف الأرض..ثم نجد خبراً منقولاً عن ضريك ابن حباشة النميري في خلافة عمر ابن الخطاب..والذي نزل بئراً ليبحث عن دلو له مفقود..فوجد في قعره طريقاً مفتوحاً فسلكه فدخل في بلاد غريبة وجد أهلها مختلفين ونباتها مختلف وقد أخذ ورقة شجر كأذن الفيل وأتي بها إلي عمر ابن الخطاب..وحكي له ماحدث فسأل عمر كعب الأحبار عن خبر مثل هذا في كتب أهل الكتاب..فأكد له صحة ما حدث مع ضريك..
ثم في عصرنا الحالي نقل لنا من بحار نرويجي إسمه "أولاف يانسن" سلك طريقاً هو وأبوه في البحر تجاه الشمال حتي دخلوا بلاداً عجيبة من فتحة القطب الشمالي..دافئة كبلادنا..مليئة بالذهب..بها مواصلات تشبه وصف السفن الفضائية وسرعتها جنونية..وكان هذا قبل إختراع الطائرات علي الأرض..وعاشوا هناك سنتان ثم عادوا ولم يصدق أحد هذا البحار..ثم أدميرال في البحرية الأمريكية إسمه "ريتشارد بيرد"سافر إلي الشمال بطائرته لإستكشاف القطب الشمالي فدخل بطائرته بلاداً عجيبة بعد القطب الشمالي حرارتها دافئة ورجالها عمالقة وحيواناتهم ونباتاتهم ضخمة ووجد فيهم أفيال الماموث والحيوانات التي نجد حفرياتها عندنا وندعي أنها عاشت قبلنا وإنقرضت أو تطورت للأجناس التي تعيش معنا..وما هي في الحقيقة إلا بعض جثث من الحيوانات التي تموت عندهم..
وتلك الفتاة "كارين جانسن" التي فقدت في الغابة ثمانية أشهر وقد قابلت قوماً من الأقزام الطائرين وأخذوها إلي بلادهم العجيبة الغريبة المليئة بالذهب وأخذت منهم قطعاً معدنية ذهبية كتذكار وعادت إلي الأرض بعد فترة لتخبر بقصتها..
وقديماً في الكتاب المقدس وردت بعض الأخبار التي أتت علي لسان النبي "حزقيال" أنه رأي بينما كان جالساً ما وصفه وصفاً مطابقاً لسفينة الفضاء ومن نزل منها يرتدي ما يشبه زي رواد الفضاء..
كل هذه القصص والحكايات وغيرها كثيرة جداً جمع منها قدراً لا بأس به أنيس منصور في كتابيه المذكورين سابقاً..وكلهم يجمعون علي أنهم كانوا في جوف الأرض..أو مع مخلوقات فضائية غير أرضية..وأن سكان هذه البلاد أكثر تقدماً منا بكثير..وعمالقة..وثمارهم شديدة الضخامة..وطعامهم في وجبة يكفينا نحن لأسبوعين..وغيرها من أخبارهم يمكن الإستزادة منها في الكتب الخاصة بأخبارهم وهي كثيرة..وربما كان كتاب "إله الضباب" من أكثرهم أهمية عن الأرض المجوفة..
من مجموع هذا نستطيع الخروج بمجموعة من الإستنتاجات المنطقية..والتي قد تعيننا علي فهم أشياء كثيرة كانت غامضة أو غير مفسرة علي وجهها الصحيح..فبإمكاننا إستناج الأتي:
1-عاش علي الأرض قبل الإنسان قوم خلقهم الله عاشوا حياتهم كما عشناها وكانت لهم رسلهم و وعدهم و وعيدهم ثم أفسدوا في الأرض وطغوا وبغوا و سفكوا الدماء..هؤلاء عاشوا ويعيشون أعماراً طويلة جداً شديدة الطول..فيموتون وقد رأي الرجل منهم ألفاً من نسله..ونرجح أن منهم يأجوج ومأجوج وقد يكون معهم شعوب أخري..
2- أتاهم الحكم من الله أن يتركوا الأرض ويهبطوا أرضاً ثانية-وقد يكون هذا من علامات الساعة عندهم-أو عقاباً ك "تيه بني إسرائيل"..وقد حاول شعب يأجوج ومأجوج في عصر ذي القرنين الإحتكاك بأهل الأرض والخروج من تيههم وإسترداد الأرض..فأرسل عليهم ذو القرنين ليسد لهم الباب "الفتحة" الذي يخرجون منه إلي الأرض..
وهذا ييسر فهم أن خروج هؤلاء المفسدين بالذات دون باقي المفسدين هو من علامات يوم القيامة..فهم قوم غير أهل الأرض أصلاً..سيخرجون من مكانهم ثم يهلكهم الله وأهل الأرض لا علاقة لهم بالموضوع علي الإطلاق..إلا الإستدلال بهم علي قرب القيامة..
3- كان هؤلاء علي علم كبير وتقدم علمي ضخم وواسع في كل المجالات وكانت الأثار التي نراها ولا نجد لها تفسيراً هي من بقاياهم..كقارة أطلانتس التي كان بها كهرباء وطائرات..وكرسوم الطائرات التي نراها في بعض الأثار القديمة..وكالإعجاز الهندسي الذي نراه في بعض الأثار كأهرامات مصر..أو السفينة الفضائية المذكورة في سفر حزقيال في التوراة..
4- من مخلوقات يأجوج ومأجوج أو شعوب ما قبل أدم..أقزام ورجال عماليق ومخلوقات صغيرة علي هيئة الإنسان ولها أجنحة..وكائنات عملاقة ورجال بآذان كآذان الفيل يفترشون أحدها ويلتحفون بالأخري..ومنها عرائس البحر..التي تم توثيق مشاهدتها بالفيديو كثيراً..والطيور الضخمة التي تشبه التنين والزواحف العملاقة والحيوانات البحرية الغريبة التي كثرت مشاهدتها في السنوات الأخيرة ولا يعرف عنها شيء في علم البحار..أو علوم البرية..
5-للأرض التي يعيشون فيها مداخل متعددة من أرضنا كبعض الأبار وفوهات البراكين..وكهوف الجبال وفتحتين رئيسيتين إحداهما في القطب الشمالي والأخري في القطب الجنوبي..يقطن ناحيتها شعوباً منهم لا تتوق إلي الإفساد في الأرض أو إهلاك الناس..وشعب يأجوج ومأجوج هو الذي يتوق لهذا..وكان موقعهم عن منطقة "بين السدين" والمدخل إليهم من هناك وهو مسدود ويفتح في موعده أخر الزمان..فيتشجع باقي الشعوب للخروج إلي أرضنا مرة أخري..فتجدهم كما وصفهم القرءآن.."حتي إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون"
تعيننا نظرتنا للأرض علي هذا النحو علي فهم أشياء لم تكن واضحة نوعاً ما وأحياناً غامضة بالكامل..كتفسير أيات يأجوج ومأجوج..وكقول الله "خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" حيث كان المخلوق قبله في تقويم ليس هو الأحسن والأجمل..فأشكال الأقوام من سكان جوف الأرض ليست جميلة كما نألفها من صورة الإنسان..وكحديث الجساسة وحمار المسيح الدجال..وكحوار الملائكة مع الله حول خلق أدم وإفساده في الأرض..وكالردم الذي صنعه ذو القرنين..وتفسير أقرب للتصور والتصديق لما نسمع عنه من ظهور لكائنات غريبة مختلفة عما نعهده علي الأرض..وتفسير لوجود الحفريات لحيوانات قديمة وأشكال من البشر مختلفة عنا..وأرجعها العلماء إلي سلسلة تطورية بينما لا يوجد أي دليل علي التطور..بل الدليل علي العكس تماماً من فكرة التطور..ونقوش الفراعنة علي الأحجار من إنسان برأس كلب..وأشكال هندسية منها طائرة ومنها مروحية..تدل علي معرفتهم بسكان جوف الأرض..فقد أتي وصف أحد شعوب يأجوج ومأجوج أن منهم رجال برؤوس كلاب..وقد نقش علي معابد مصر رجال برأس كلب وسموه أنوبيس و هو عندهم حارس العالم السفلي..وكوجود حضارة أطلنتس وحضارات أخري تحت الماء يتضح منها أن أصحابها كانوا علي قدر عال من التقدم الحضاري أكثر منا.
نكمل في المقال القادم..ونجلي بعض الحقائق والتفاسير علي ضوء النظرة الجديدة ونزيل بعض التشويش أكثر عن ترابط الأحداث بعضها ببعض..وهذه بعض الصور عن الموضوع..














السبت، 2 مايو 2015

الحجاب..فصل الخطاب في زمان الفتن 3

ربما يكون هذا المقال هو الأخير في مسألة الحجاب..وسنتعرض فيه إلي أكبر شبهة تعرض علي العقول في هذا الزمان..
وردت بعض الآثار عن عمر إبن الخطاب كان مفادها أن الجارية يباح لها كشف شعرها وعليه فإن الشعر ليس من العورة وليس زينة..وأن الحجاب كان مرتبطاً بوجود الإماء لتفرقتهم عن الحرائر أما الآن فليس لهم وجود..فزالت العلة من وجود الحجاب..كذلك القول بأن عورة الإماء من السرة للركبة يدل علي أن النساء كن مكشوفات أيام الرسول ولا داعي للحجاب..إنما كان للحرائر فقط..كذلك عن إبن عمر أنه كان يضع يده على الإماء في السوق في مواضع ويكشف منها مواضع تدل على عدم حرمة جسد المرأة..كذلك وردت بعض أسباب النزول تدل على أن الحجاب فرض على الحرائر فقط وليس الإماء..
وكل هذا مما يشتبه علي العقول ويضللها بسبب إستخدام منكري الحجاب لمثل هذه الآثار بشكل غير منضبط ..ونبدأ من آيات الحجاب في القرآن التي خوطب فيها النساء غير زوجات الرسول :"وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"
2- "وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ"
3- يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا"
وهذا أثر صحيح عن عائشة رضي الله عنها :أن النبي دخل عليها فإختبأت أَمَة لهم فسأل الرسول هل حاضت؟ فقالوا نعم..فشق لها عمامته..فقال إختمري"..

من تأمل الآيات السابقة يجد أن الألفاظ الواردة في الآيات ألفاظ عامة..تشمل جميع النساء بغير تخصيص لجارية وحرة..وغير وارد من دلالة الألفاظ تخصيص الحرائر ونزع الإماء من "نساء المؤمنين"..وإذا ضممنا لها الأثر السابق عن النبي..نجد أن رسول الله قد أمر الجارية أن تختمر..بل شق لها عمامته..وهذا الفعل من رسول الله له دلالة كبيرة..لأنه قد نهي عن إفساد المال..ففعله من إفساد عمامته لمصلحة الجارية ومن أجل طاعتها لربها يدل علي وجوب الحجاب عليها..بل وترجيح وجوب إختمارها علي وجوب حفظ المال..والنبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم..فأعطي لها من ماله لتختمر..فقد ثبت في حقها إذن أنها من "نساء المؤمنين"..وثبت في حقها وجوب التستر والإختمار..وليس بعد هذه الآيات الجلية..وفعل رسول الله..دليل آخر يصلح أن يستند إليه المنكرون علي جواز كشف الجارية رأسها..فدلالة الألفاظ والحديث يدلان بشكل قطعي علي أن الأمة كالحرة في فرض الحجاب..لهذا فقد قال إبن حزم الأندلسي :"وأما الفرق بين الحرة والأمة فدين الله تعالى واحد والخلقة والطبيعة واحدة فكل ذلك في الحرائر والإماء سواء حتى يأتي نص في الفرق بينهما في شيء فيوقف عنده..فالرق وصف عارض خارج عن حقيقة الأمة وماهيتها ولا دليل علي التفريق بينها وبين الحرة..وقال إبن تيمية :العلة في النظر خوف الفتنة ولا فرق في هذا بين النساء الحرائر والنساء الإماء..
هذا ما أردنا تقريره في البداية قبل مناقشة أوهام المنكرين..فقد ورد في طبقات إبن سعد سبب نزول آية الحجاب "ذلك أدني ان يعرفن فلا يؤذين"..أن رجلاً من المنافقين كان يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن فإذا قيل له ؟؟ يقول كنت أحسبها أمة..فأمرهن الله أن يخالفن زي الإماء ويدنين عليهن من جلابيبهن"..وهذا حديث لا يصح..بل هو ضعيف جداً..فهو حديث مرسل..قائله لم يدرك عصر النبوة أصلاً..كما أن بسنده ابن أبي سبرة وهو متهم بالوضع في الأحاديث فهوكذاب أشر..ثم في سنده الواقدي وهو ضعيف جداً ومتهم بالوضع أيضاً..وقد إغتر كثير من المفسرين بهذه الأحاديث الضعاف فقيد تفسير لفظ "نساء المؤمنين" بالحرائر دون الإماء..وبنوا عليه أنه لا يجب على الأمة ما يجب على الحرة من ستر الرأس والشعر..وبالغ بعضهم وقال أن عورة الأمة كعورة الرجل..وهو أمر فاسد لا محالة..فالفتنة بالإماء في الأساس أكبر وأكثر من الحرائر..لهذا قال إبن حزم الأندلسي :وقد ذهب بعض من وهل في قول الله تعالى : "يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين" إلى أنه إنما أمر الله تعالى بذلك لأن الفساق كانوا يتعرضون للنساء  فأمر الحرائر بأن يلبسن الجلابيب ليعرف الفساق أنهن حرائر فلا يتعرضون لهن..ونحن نبرأ من هذا التفسير الفاسد..الذي هو إما زلة عالم..أو وهلة فاضل عاقل..أو افتراء كاذب فاسق..لأن فيه أن الله تعالى أطلق الفساق على أعراض إماء المسلمين..وهذه مصيبة الأبد..وما اختلف اثنان من أهل الإسلام في أن تحريم الزنا بالحرة كتحريمه بالأمة..وأن الحد على الزاني بالحرة كالحد على الزاني بالأمة ولا فرق..وأن تعرض الحرة في التحريم كتعرض الأمة ولا فرق..ولهذا وشبهه وجب أن لا يقبل قول أحد بعد رسول الله صلى الله إلا بأن يسنده إليه..إنتهي
وقد وردت أحاديث لرسول الله مما أسيئ إستخدامه أيضاً كالآتي:
1-إِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ- عَبْدَهُ، أَوْ أَجِيرَهُ -فَلَا يَنْظُرْ إِلَى مَا دُونَ السُّرَّةِ، وَفَوْقَ الرُّكْبَةِ
2-إِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أَمَتَهُ، فَلَا يَنْظُرْ إِلَى عَوْرَتِهَا
3-وَإِذَا زَوَّجَ أَحَدُكُمْ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ أَوْ أَجِيرَهُ فَلَا تَنْظُرُ الْأَمَةُ إِلَى شَيْءٍ مِنْ عَوْرَتِهِ؛ فَإِنَّ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ إِلَى رُكْبَتِهِ مِنَ الْعَوْرَةِ..
وقد إستدلوا بهذه الروايات علي أن عورة الأمة من السرة إلي الركبة..وهوكلام مردود تماماً..فالرواية الثانية وهي التي ذكرت فيها الأمة هي رواية لا تصح ولا تثبت فلا يصح الإستدلال بها..وبفرض صحتها فهي لا تذكر أن العورة من السرة للركبة..بل فيها نهي لسيدها أن ينظر إلي عورتها مرة أخري بعد زواجها كما كان يفعل قبل زواجها..والرواية الأولي تنهي عن نظر العبد إلي عورة سيده ونظر السيد إلي عورة عبده وهي من السرة للركبة وليس في الأمر ذكر للأمة وليس هناك أي دليل لجمع الرواية الأولي بالثانية خاصة أن الثانية لا تثبت..أما الثالثة فهي حاسمة في الموضوع لأنها تنهي الأمة بعد أن تزوجت عن النظر إلي عورة سيدها كما كان مباحاً لها عندما كانت ملك يمينه..وقد أسقط بعض العلماء الروايات الثلاثة علي بعضها ليخرجوا بإستنتاج أن عورة الأمة من السرة للركبة وهو قول غير صحيح كما بيناه..فليس في الأمر إجماع كما إدعي بعض العلماء..بل الأمر فيه خلاف كبير..وعلي التحقيق وبجمع ما صح من الأدلة نجد أن الأمة عورتها أمام الأجانب عنها كعورة الحرة..وقد تكلم في الأمر غير إبن حزم وإبن تيمية كثيرون مثل البيهقي والتوحيدي وغيرهم..

بقي لنا الشبهة الأخيرة وهي ما ورد عن "عمر إبن الخطاب" و "عبد الله إبن عمر" من آثار تشير إلي أن الأمة عورتها مخففة عن عورة الحرة..مما يدل علي أن الحجاب بزعم المنكرين كان رمزاً سياسياً إقتضته الحاجة والزمن لفصل الحرائر و تمييزهن عن الإماء..وهي كالأتي
1-ما روي عن أن "عمر" كان يطوف فى المدينة فإذا رأى أمة محجبة ضربها بدرته حتى يسقط الحجاب عن رأسها ويقول :فيم الإماء يتشبهن بالحرائر
قال أنس "مرت بعمر بن الخطاب جارية متقنعة فعلاها بالدرة وقال يالكاع أتتشبهين بالحرائر ألقى القناع"
وروى أبو حفص أن "عمر كان لايدع أمة تقنع فى خلافته"
 و روي أن "عمر" ضرب أمة لآل أنس رآها متقنعة وقال إكشفى رأسك ولاتتشبهى بالحرائر..
2- يروى عن أنس بن مالك "إماء عمر كن يخدمننا كاشفات عن شعورههن تضرب ثديهن"
3- ماورد عن إبن عمر أنه كان يضع يده بين ثديي الأمة في السوق وينظر إلى بطنها وينظر إلى ساقيها أو يأمر به قبل شرائها..
و مر "إبن عمر" على قوم يبتاعون جارية فلما رأوه وهم يقلبونها أمسكوا عن ذلك فجاءهم "بن عمر" فكشف عن ساقها ثم دفع في صدرها وقال اشتروا..قال معمر وأخبرني بن أبي نجيح عن مجاهد قال وضع "إبن عمر" يده بين ثدييها -وفي رواية صكها في صدرها- ثم هزها..يريهم أن ذلك مباح..
إن الناظر المتأمل للآثار الواردة عن النبي وعن الصحابة ثم الآثار التي وردت عن "عمر إبن الخطاب" يكتشف أن الآثار تقول "كان عمر في خلافته" أو  تقول "كان عمر يجوب المدينة " أو تقول "مرة ضرب عمر جارية لآل أنس" أو تقول "كانت جواري عمر"..فالأمر كله في الحقيقة محصور بل و مقتصر على "عمر إبن الخطاب"..وليس مشتهراً عند الصحابة ولا من فعل الرسول..ولو كان الأمر مشتهراً في الصحابة من أيام الرسول لما كان لنقله عن "عمر" أي معني..ولما نقل عن "عمر" أصلاً..وما الداعي لتخصيص "عمر" بالنقل إذا كان الأمر حادث في كل بيت ومع كل خليفة..كذلك ما ورد عن "إبن عمر" من لمس الإماء وكشفهن في الأسواق للبيع والشراء..لم ينقل إلا عن "إبن عمر" فقط..بل الذي نقل الأثر قال أنهم عندما رأوه كفوا أيديهم..مما يعني عدم إشتهار الأمر وشيوعه بين أهل السوق مع الجواري..بل يدل على أن المشهور الشائع بين الناس هو المنع من ذلك..إذن فمدار الآثار كلها ومحورها هو "عمر..وإبنه"..من هنا فإننا نقول أن القرآن والسنة القولية والفعلية المنقولة عن النبي "محمد" هما طبعاً الأصل في الموضوع..وهما المنبع الذي ننقل منه ونأخذ عنه..والكتاب والسنة مخالفان تماماً لفعل "عمر" وإبنه..لا سيما وإن الآثار تدل علي إجماع الصحابة وإشتهار الأمر بينهم بما يخالف فعل "عمر وإبنه عبد الله"..فلا إشكال إذن..ولا توجد حجة لمنكري الحجاب وتغطية الرأس فيما نقل عن عمر ولا إبنه في إنكار تغطية الرأس للإماء..لأن الأمر كما إتضح الآن لا يعدو كونه إجتهاد من "عمر" إن أصاب فيه فله أجران وإن أخطأ –وهذا ما نظنه-فله أجر..هذا ما يجب أن نقرره أولاً..ثم بعد ذلك نناقش أسباب ما فعله "عمر إبن الخطاب "رضي الله عنه..
لأن "عمر" من أفقه الصحابة وأكثرهم إجتهاداً..وعلي مدار مدة النبوة وإسلامه..كان دائم الإجتهاد..صاحب نظرة متأملة متفقهة..يخرج بأحكام يصيب في بعضها ويخطئ في بعض..فهو غير معصوم..وقد كان إجتهد من قبل في مسألة الحجاب الخاص بأمهات المؤمنين..وطلب ذلك من النبي بغير وحي..وكان يري أنه يجب أن تختص أمهات المؤمنين بالحجاب الكامل عن البر والفاجر سواء بسواء..وقد وافق الوحي رأيه..وقد كان يري أن بزوال علة قصر الصلاة -المذكور في القرآن-وهي الخوف..يجب أن يُنسخ الحكم بقصر الصلاة..لأن زوال الحكم يكون بزوال العلة..فلم يوافق الوحي رأيه وقال النبي له تلك صدقة تصدق الله بها عليكم فلا تردوا صدقة الله..فليس دائماً يزول الحكم بزوال علته..وكان "عمر" يري تأديب الرجل الذي يطلق زوجته بلفظ "أنتي طالق ثلاثا" بأن يمضي الطلاق كأنه طلقها ثلاث مرات..أي أنها تحتاج لمحلل لكي تعود له..برغم أنه طلقها مرة واحدة بلفظ الثلاث..تأديباً للناس علي التساهل في الطلاق..وقد ظل العمل بهذا الحكم ل"عمر" وكان الإجماع عليه إستناداً لقول "عمر"..حتي عصر الفتوي الحموية ل"إبن تيمية" والتي خالف فيها "عمر" وقال إن الدليل من الكتاب والسنة علي عكس هذا..وهكذا نري أن "عمر" كان له من الأراء والإجتهادات ما يراها وحده بإجتهاده..مراعاة لوقته وزمنه..وكان هو ولي الأمر ومسؤول عن رعيته..فكان يجتهد برأيه..جزاه الله عن رعيته خير جزاء..ومن تمام العلم بفقه "عمر" في مسألة الحجاب للأمة والحرة يجب الإلمام بشئ من المواقف في حياته وخلفية مجتمع الجواري في ذلك الزمان..و بإختصار شديد..نبدأ من موقف حدث مع "عمر بن الخطاب" عندما أراد يوماً أن يذهب لبيته لحاجة له..فلما هم أن يدخل وجد إمرأة عليها جلباب متقنعة به..فرجع..ولما عاد وسأل أهل بيته من تلك المرأة التي عنتنا اليوم -أي التي منعتنا من الدخول-فقالوا له ما كان عليك منها..إنها أَمَة لفلان..فلما رجع قال "أيها الناس لا تشبه الأمة بسيدتها"..
فهذه أَمَة في عهد "عمر" كالإماء اللاتي يروي عنه ضربهن..كانت متقنعة بالجلباب..محتجبة تماماً فلم يعرفها "عمر" وهذا دليل علي شيوع الأمر في عهده باحتجاب الإماء..ولم تهرب الأمة منه عندما رأته..ولا خلعت قناعها..ولكنه إمتنع عن الدخول إلي بيته حرصاً منه وأدباً في أن يدخل البيت وبه إمرأة أجنبية عنه وهذا من تمام حرصه -رضي الله عنه- بل من جملة أخلاق الصحابة رضوان الله عليهم..أما لو عرف أنها أمة فالأمر يختلف..فكما قالت له إمرأته "لا عليك منها إنها أمة لفلان"..وليس هذا طبعاً تحقيراً من شأنها..ولكنها هذه هي طبيعة التعامل مع الإماء في تلك العصور..فالأمة والعبد هما من متاع البيت..وهم ملك شخصي للناس فهم من الأموال المملوكة..لأنهم كانوا يتخذوا من أجل المهنة والعمل والبروز والإحتكاك بالناس وأداء الواجب وخدمة المنزل والدابة والسوق..فالدخول والخروج منهم وعليهم لم يكن أمراً محظوراً..ما إلتزمن الحجاب كما فعل النبي مع الأمة عند عائشة رضي الله عنها..
ومن تمام المعرفة أيضاً نذكر موقف ل"هند بنت عتبة" عندما بايع النبي نساء مكة علي أن لا يزنين..فقالت له هند بإستنكار شديد.."أوتزني الحرة؟؟"..من هنا نعرف أن الفرق بين الأحرار والإماء في العمل والتصرف والأخلاق في ذلك الزمان كان كبيراً..فكان الزنا مما لا يتصور أن تفعله الحرائر..وكانت الإماء هن مظنة الفواحش وليس الحرائر..فالنظرة للإماء في كل أنحاء العالم كانت تختلف عن الحرائر..وكان عيباً في المرأة الحرة أن تتصرف تصرفاً ينسب للإماء..أو ترتدي زياً يشبه الإماء..أو ترفع صوتها بين الناس كالإماء..أو تبرز وتختلط بالرجال في الأسواق كالإماء..كما كان يشينها أن تسبي في الحرب وتصير أمة..تبرز وتستخدم في مهنة البيوت..
كما أن في عهد "عمر" تحديداً قد كثرت الفتوحات للروم والفرس وكثرت الجواري والعبيد..فكان لؤلؤة المجوسي-قاتل "عمر"-عبداً فارسياً ولم يكن مسلماً..وكانت اليهود والنصاري والمجوس بكثرة..منهم العبيد والجواري..وكان"عمر"يكره كثرتهم في المدينة..وعندما طعنه "لؤلؤة" متخفياً في الصلاة بين المسلمين..قال"عمر" ل "إبن عباس"وهو ينزف تأنيباً له "قد كنت أنت وأبوك تحبون كثرة العلوج بالمدينة"..فكان "عمر" حاداً جداً في مسألة الإختلاط والتزوير والتداخل بين المسلمين وغيرهم..حرصاً علي مجتمع المسلمين في بداية إختلاطهم بالأجناس الأخري والديانات الأخري وهم حديثو عهد بجاهلية..فكان إجتهاده -رضي الله عنه- عندما تولي الخلافة وتوسعت الدولة وفتحت الفتوحات..هي إستخدام بعض الوسائل كالملبس للفصل بين الحرة والأمة..ولم نسمع أن "عمر" فعل هذا في عهد النبي ولا في عهد "أبي بكر"..رغم قوة "عمر" وجرأته في إتخاذ المواقف في عهد النبي و أبي بكر..إلا أن إجتهاده هذا كان لاحقاً في عهده فقط.. فاستحدثه ولم يكن الأمر معهوداً..كما أنه لم يستمر بعده..فلم يحدث هذا في عهد "عثمان" ولا ما تلاه من عهود..بل إن الأمر في عهد "عمر" نفسه –كما تدل الآثار-لم يكن كثير الحدوث..فإن "عمر" يروي عنه ضرب الإماء علي التشبه بالحرائر..ولكن هذا لم يمنع الجواري من الحجاب..ولو كان هذا المنع في عهده منتشراً..لما إحتاج إلي ضرب جارية كلما قابلها..أو كان يفترض بهن أن يخلعن حجابهن كلما رأينه..ولكن الحق أنه كان يأمرهم بهذا أمراً بغير عزيمة..فلم يكن يضرب "عمر" أحداً بدرته إلا وكزاً خفيفاً..وليس كما يتبادر إلي أذهان الناس أنه كان يبرحهم ضرباً..بل كان الأمر وخزاً..ولم يكن يضرب الجواري إلا تأديباً وتذكيراً وزجراً..فمن رآها متقنعة أي تداري الوجه..ضربها لخلع القناع وإبراز الوجه فقط ويقول لها لا تتشبهي بالحرائر..ومن رآها تداري رأسها يخلع عن رأسها ويقول لا تشبهي بالحرائر..هذا ما تدل عليه الآثار..فالعلة عند "عمر" هي التأديب علي التشبه بالحرائر وليس علي ستر الزينة..لذا فإنهن كن يواجهنه بأقنعتهن وحجابهن ولا يهربن منه..ومن الواضح أنه لم يكن يلبث "عمر" أن يختفي من الطريق حتي يعودوا سيرتهم الأولي مرتدين القناع والخمار..فالأمر لم يكن فرضاً عليهم ولكنه إجتهاد لم يعزم "عمر"علي أحد بفعله..بل كان ينصح به فقط..وإلا لكان "عمر" أمر بهذا في الناس علي المنابر..أو بعث في الناس منادياً بهذا الفعل لو كان فعلاً من أوامر الله التي لابد لها من النفاذ ولو كره الناس..هذا هو المعهود من فعل عمر إبن الخطاب..
وكان إجتهاده-وهو ما أخذه بعض العلماء من بعده وليس كلهم-أنه ما أن تزول مظنة الفتنة أو رجاء النكاح من المرأة حتى يرخص لها في وضع الثياب غير متبرجة بزينة مع أفضلية الحجاب تعففاً وتطهيراً لقلبها..كالقواعد من النساء "والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن"..فكان ينزل الجواري منزلة القواعد من النساء..لأنه رأي أنه لا فتنة تخشي منهن..لذلك كان إذا حضر عنده بعض الصحابة وأراد أن يخدمه الخدم فإنهن كانوا يخرجون علي أصحابه لخدمتهم بنفس ما كانوا يرتدينه في المنزل من ثياب المهنة..فكان منهن من تكن مكشوفة الشعر بأمر من "عمر" ليري أصحابه تنفيذاً عملياً لإجتهاده..ولو كان الأمر كذلك في بيوت باقي الصحابة لما نقلوه عن خدم عمر..فالأمر خاص به وحده..ولم يفعله قبله ولا معه ولا بعده أحد..فليس فيه حجة علي الإطلاق..أما كلمة "شعورهن مكشوفة تضرب ثديهن" فتفسيرها هو أن شعورهن كانت طويلة متدلية علي الصدر تصل للثدي..أو أن الضفائر هي التي كانت مكشوفة من تحت الخمار لا يحرصن على إخفائها فتصل إلي الثدي..أما تفسيرها بأن الثدي كان مكشوفاً..فهذا تفسير منكري الحجاب من أصحاب الأهواء المتهتكين المفترين الكذب علي "عمر" رضي الله عنه ممن كتب علينا أن نحيا معهم في عصر واحد..وهو تفسير لا يقول به طفل صغير يعرف يمينه من شماله في اللغة فضلاً عن الشرع..فكما رأينا الأمر لم يكن يعدو إجتهاداً من "عمر" لم يحدث قبله ولم يمشي عليه أحد بعده..إلا بعض العلماء الذين إتخذوه سبباً في القول بتخفيف العورة للأمة..وهو كلام نظري لم يشاهد عملياً إلا في عصور التهتك والخذلان التي مرت بها الدولة..
كذلك كان فعل "إبن عمر" مع رجال تركوا لمس الجواري عندما رأوه فلمسها وقلب فيها أمامهم ليعرفهم فتواه بأنه مباح..وهو أمر لم يفعله أحد قبله ولا بعده ولا عرف أو نقل عن أحد غيره..فليس فيه أيضاً حجة لأصحاب الأهواء منكري الحجاب و ستر عورات النساء..كما أن الروايات تفسر بعضها..فهو كان يضع يده بين ثدييها ضرباً..أو صكاً وليس مسحاً..أو لمساً لثديها والعياذ بالله..فمن يعرف إبن عمر وسيرته يعرف كيف يتصرف..ولكنها أيضاً من طرق التعامل مع العبيد والإماء..فهم أموال مملوكة ستدخل البيت وتختلط بالزوجة والأبناء..وكانوا لابد لهم عند الشراء من التأكد من سلامة هؤلاء الداخلين علي البيت والأبناء من الأسقام والأمراض الباطنة والظاهرة كالجلدية مثلاً..وعدم محاولة معرفة سلامة العبد والأمة من الأسقام هو كشرائنا اليوم أي بضاعة بغير التأكد من سلامتها وأنها غير مغشوشة أو فاسدة..
وفي النهاية أريد أن أوضح أمراً عجيباً من عجائب الزمان..فإن المنكرين للحجاب يقولون بأن هذه الآيات في القرآن لا تدل علي التخمر وتغطية الرأس..ثم إذا أرادوا الهجوم علي الحجاب بالآثار تجدهم يقولوا أن الخمار وتغطية الرأس إنما فرضت علي الحرائر..وليس الجواري..وكان فرضاً لازماً لوقت معين..وزال بزوال هذا الزمان..فلم نعد نعرف هل يرونه موجوداً في النصوص أم لا..وهل يجدونه فرضاً أم لا..وهذا هو حالنا دائماً معهم..وهو حال المجادلين علي كل حال..فهم دائماً ما يسقطون في التناقض والإزدواجية..نسأل الله العافية من الفتن..وأن يقبضنا إليه علي الطاعة..وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين





الجمعة، 1 مايو 2015

الحجاب..فصل الخطاب في زمان الفتن 2

هذه المرة نتناول بعض النقاط التي تختلط على المنكرين للحجاب فتشتبه عليهم وتسبب إرتباكاً في الأفكار ولبساً في بعض المفاهيم..فيرفضون الحجاب جملةً وتفصيلاً متمسكين بفكرة خاطئة وشبهة واهمة..وبالجملة..فإن كل ما يبدو من الشبهات هي من الأخبار والأثار والإستنتاج العقلي..وليس من القرآن..فاللفظ القرآني واضح جلي لا لبس فيه..وكل ما عدا ذلك إختلاف في التفاسير أو تمسك بأثر يصح حيناً ويضعف حيناً ويلتبس على القارئ في كثير من الأحيان..
ونذكرها هنا بالإجمال ثم نشرع في التفصيل فالشبهات هي
..1-إن الله لا يتدخل في ملبس الناس والأمر دنيوي ليس له علاقة بالدين..2-أن كثير من العاهرات محجبات..فالحجاب ليس دليل عفة أو علامة علي الإيمان..3-بني الإسلام على خمس..فلا تجعلوها ستة بالحجاب..4-أن كثير من النساء الغير محجبات هن أكثر حشمة من كثير من المحجبات وهو عند الله أفضل..5-أن الحجاب رمزاً طائفياً للتفريق بين المسلمة وغير المسلمة..6- أنه رمزاً سياسياً للتفريق بين الحرة والأمة..7-أثار واردة عن عمر ابن الخطاب وعبد الله إبن عمر..8-قول الأئمة في جواز كشف الأمة شعرها..9-بعض الشبهات حول ألفاظ القرآن..10-الحجاب موروث وعادة جاهلية..
هذه إن لم تكن كل الشبهات إلا أنها أكثرها رواجاً على الألسنة وأعظمها شأناً وإلتباساً على العقول..ونبدأ فنقول..
أولاً فموضوع أن الله لا يتدخل في الملبس هذا كلام غير صحيح..لأن الله سبحانه ليس كالبشر..ولا يصح ان ننظر له ونتعامل مع ذاته تعاملنا مع بعضنا البعض..فتدخله سبحانه في أي شيء بالأمر والنهي يكون تعبدياً..فطاعته في الملبس تعبدية وفي المأكل تعبدية وفي المشرب تعبدية فسبحانه يبيح الطعام كله.. "كلوا وإشربوا ولا تسرفوا"ولكنه ينهى عن السرف..ويحل الملبس كله "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق"..ويبيح الزينة والطعام ولكنه ينهى عن الخبيث منها أو ما أفضى منها إلى خبيث..كما يحرم الذهب والحرير للرجال..ويحرم إبداء الزينة على النساء..فالله لا يأمر بالفحشاء ولا يبيحها لعباده..وقد خُلق الإنسان ظلوماً جهولاً..قال الله "فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا"..فلو تُرك الإنسان لعقله ونفسه لظلم وجهل وطغى وبغى وأفسد وتفحش..فالنص الذي ينزله الله على النبي هو الذي يضع إطاراً للعقل ليعقل الظلم والجهالة..فالعقل معناه الكبح والربط..وعقل الرجل ناقته أي ربطها..فأعطى الله نصوصاً للعقل مع الإباحة حتى لا يضل إذا تُرك الحبل على الغارب..والأمر من الله في الملبس وردت به نصوص عديدة في القرآن تثبت أن الله يتدخل في الملبس وليس الحجاب إبتداعاً..فقال الله لموسى "إخلع نعليك إنك بالواد المقدس"..وآيات إخفاء الزينة في القرآن كثيرة تناولناها في المقال السابق..فليس هناك موضع لقول قائل أن الله لا يتدخل في الملابس هذا ليس من العلم في شيء..
أما قول القائل أن العاهرات في زماننا هذا يرتدين الحجاب وربما النقاب..فليس في هذا إشكال..فإن الله قد أمر النساء بهذا الضرب من إخفاء الزينة وزاد عليه عدم الخضوع بالقول..فليس دخول العاهرات في زمرة المحجبات عيباً في الحجاب والمحجبات..بل هو إعتراف من العاهرات بما له من فضيلة يختبئون تحت مظلتها..وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه..فإن صلّت العاهرة..فليس عيباً في الصلاة والمصلين..والأصح أن نسعى لفصل الإختلاط الفاحش الذي يعطي الفرصة للعاهرة لممارسة عهرها..لا أن نأمر العفيفة بخلع حجابها..ثم هب أننا جعلنا الكل محجبات فيهن العاهرات وغير العاهرات..وكانت النتيجة أن إختفت العاهرات في وسط المحتشمات..فما هو الفارق لو نجعلهم الكل غير محجبات..فيهن العاهرات وغير العاهرات..نفس النتيجة..ستختفي العاهرات في وسط المجموع..فليس الرداء هو الفارق ولكن التي تلتزم بالحجاب وستر الزينة وعدم الخضوع بالقول وعدم إعطاء الفرصة لمرضى القلب بالتعدي..هو المعيار..فالله لم يفرض اللباس ليأمر به العفيفات من النساء فقط و يتوجب على العاهرة أن تظل متبرجة..بل أمر به ليحول بين النساء والأجانب ليطهر قلوبهم..فالحجاب ليس شرطاً أن يكون علامة العفة بل هو طريقة لمن أرادت أن تتعفف وتبعد عنها الفساق والمجترئين على محارم الله..
قال أحد الناس مرة في برنامج إن الإسلام قد بني على خمس ليس منهم الحجاب فلا تجعلوها ستة..وهذا خلط لا مثيل له على الإطلاق..فلو أخذنا بنص الحديث وألفاظه فقط بدون التعمق والبحث في المعاني لثبت للمتحدث خطؤه..فالإسلام بني على خمس وليس ستة..ولكن الخمس ليست هي الإسلام بل هي الأعمدة التي قام عليها..أما الإسلام دين له أوامر ونواهي وتشريعات..فالقرآن ليس في الحديث السابق ومع هذا لا يقول عاقل أن القرآن ليس هو مخ الإسلام ومداره ومبناه ومنتهاه يدور معه الإسلام حيث دار..وجاحد القرآن يكفر ويخرج من الإسلام ولو أقام الخمس المذكورة في الحديث السابق..فالإسلام مبناه على الخمس ولكن مفرداته وتشريعاته وأوامره ونواهيه  هي من لوازم الخمس..وإلا لوتحجبت إمرأة تعبد الأصنام لم يجعلها ذلك من أهل الجنة..لأنها لا تطيع رباً..فليس عندها إسلام أصلاً..ولو لم تتحجب من أتت الخمس المبني عليهم الإسلام فإن ذلك يجعلها عاصية..كمن يزني ويسرق ويقتل..كذلك من تبرز الزينة..كلها معاصي لا تخرج من الملة ولا يكفر فاعلها إلا إذا إستحلها..فالحجاب لم ينبني عليه الإسلام ولكنه من أوامر الإسلام الثابتة في القرآن وعدم إلتزامها مجازفة وإجتراء لا يعلم عقابه إلا الله..
يقول قائل الغير محجبات أكثر حشمة من كثير من المحجبات..وهو عند الله أفضل..وأنا أقول لا تقولوا على الله ما لا تعلمون..فالنبي قد قال كل أمتي معافي إلا المجاهرون..ونحن نقول أن الزانية المختفية الغير مجاهرة بالذنب أفضل من الزانية المجاهرة..بل هي أقرب إلى عفو الله..أما الغير محجبة والمحجبة الغير محتشمة كلاهما في الذنب سواء ليس منهم واحد أفضل من الأخر فكلاهما مجاهر بالذنب..فالتي تستر زينتها وتخضع بالقول للرجال قد أفقدت حجابها معناه ومحتواه..والغير محجبة رغم أنها إحتشمت إلا أنها أثمت لإبراز الزينة..فهما عند الله مذنبتان..ليس لواحدة فضل على الأخري..
أما موضوع التفرقة بين المسلمة وغير المسلمة فهو أمر مخالف للحق تماماً..فنساء اليهود والنصارى مأمورون بالحجاب وإخفاء شعورهن مثل المسلمين بل بشكل أكثر حدة و صرامة من الإسلام..حتى أمر الإنجيل من لا تتحجب بحلق شعرها (زيرو) فليس معنى أن النصارى واليهود خالفوا الكتاب ولم يلتزموا به..أن يعاقب المسلمون ويؤمروا بترك شعائرهم ويقال لهم تريدون التفرقة والطائفية..فليؤمر اليهود والنصارى بالإلتزام بدل من أن تؤمر المسلمة بعدم الإلتزام حتى لا يشعرون بالتفرقة والطائفية..وهذه بعض النصوص في التوراة و الإنجيل التي تأمر بالحجاب وتحض عليه..وتدل علي شيوعه في أهل الكتاب..
في الإصحاح 24 من سفر التكوين " رفعت عينيها فرأت إسحاق..فنزلت عن الجمل..وقالت للعبد من هذا الرجل الماشي في الحقل للقائي..فقال العبد هو سيدي..فأخذت البرقع وتغطت"
وفي الإصحاح الثالث من سفر أشعيا "إن الله سيعاقب بنات صهيون علي تبرجهن برنين خلاخيلهن بأن ينزع عنهن زينة الخلاخيل والضفائر  والأهلة والحلق والأساور والبراقع والعصائب"
ويقول بولس في رسالته إلي أهل كورنثوس "إن النقاب شرف للمرأة"
ويقول "وأما كل إمرأة تصلي أو تتنبأ..ورأسها غير مغطي..فتشين رأسها..لأنها والمحلوقة شيء واحد بعينه..إذ المرأة إن كانت لا تتغطي فلتقص شعرها..وإن كان قبيحاً بالمرأة أن تقص أو تحلق فلتتغط"
هذه بعض الأدلة لأنها أكثر من أن نحصرها جميعاً فمن شاء فليراجع الكتاب المقدس
وهذا ينقلنا للنقطة التالية وهي القول بأنه موروث شعبي وحضاري وجاهلي نقل بالإعتياد فهو عادة وليس شرع والدليل أنه موجود في الأمم السابقة وكان متواجداً في الجاهلية ولكنه مصحوب بالتبرج"تبرج الجاهلية الأولي"..فهذه النظرة شديدة السطحية..لأن المعروف أن الأديان السماوية جميعها تخرج من مشكاة واحدة فإذا وجدنا تشابهاً بين شيء في اليهودية والمسيحية والإسلام..فليس هذا معناه كما فسره المنكرون أنه نقل ووراثة وعادة إنتقلت بين الشعوب بمعزل عن الدين..أو مجاملة من دين إلي أهل الدين السابق تأليفاً لهم..أو كما قالوا عن الحجاب أنه عادة يهودية وفعلها أهل المدينة نقلاً عن اليهود..بل الحق أن الله قد أمر اليهود بالحجاب كما رأينا في نصوص التوراة..ثم جاءت المسيحية وشرعهم هو نفس شرع اليهود فاستمروا به وكانت السيدة مريم ذات حجاب تخفي شعرها وكذلك الراهبات في الأديرة وكذلك يفترض أن تكون نساء النصارى..إلا أنهن غير ملتزمات..وكذلك وُجد في الجاهلية كما وجدت شعائر الحج والطواف وغيرها مما بقي من ملة إبراهيم عليه السلام مع أشياء من التحريف..وعندما جاء الإسلام كان الحجاب كمعظم التعاليم تم تحريفه والخروج به من نطاقه ومعناه وصار مثل ما نراه من "إسبانش" المرأة تسدل الخمار من الخلف فيبدو العنق والنحر.."والنحر ببساطة هو المنطقة المستوية تحت العنق وفوق الثدي..والتي نطلق عليها "الجيد" وهي موضع تدلي العقد أو القلادة من العنق"..فجاء الإسلام بإصلاح ما فسد..فليس في الأمر موروث..بل هو شرع الله أمر به كل من آمن به من أتباع إبراهيم عليه السلام و اليهود والنصارى والمسلمين..وأنزله في شرائعه..فهو أمر متواتر في الشرائع وهذا دليل قوي على أنه هو شرع الله ومراده في خلقه..
ومن أبرز الشبهات التي تجري على ألسنة عامة المنكرين..أنهم ينكرون حديث إبداء الوجه والكفين ويضعفونه..ويظنون أنهم قد أزالوا المعضلة في حين أن نظرتهم منقلبة تماماً..لأنهم ينظرون إلي أن الأصل في المرأة هو أن تكون عارية بارزة ظاهرة وأن الحديث المذكور هو الذي قيدها بالتستر ما خلا الوجه والكفين..وهذا إلتباس مشهور..لأن الأصل في المرأة هو التستر بالكامل..وهذه هي دلالة ظاهر الأيات في القرآن..فالقرآن يأمر المرأة  بالتستر وإخفاء الزينة من شعر الرأس إلي القدم..والحديث المذكور هو الإستثناء..فهو الذي قيد إطلاق الإحتجاب..بجواز ظهور الوجه والكفين..وإلا فلو وضعت زينة على الوجه فالصحيح هو إخفاء الوجه إخفاءاً لتلك الزينة..ومن هنا كان تضعيفهم للحديث يعني بالضرورة عدم جواز إبداء الوجه..وليس جواز إظهار الشعر كما أرادوا..ومن العجائب أني رأيت شيخاً في الأزهرإدعي الحصول على الدكتوراة بإثباته أن الحجاب ليس فرضاً..وعندما إطلعت على رسالته وجدته يهذي بالشبهات ويخبط خبط عشواء..ويمشي في طريق معاكس تماماً للدليل القائم على النص بل أرهق نفسه في محاولة فاشلة لتفنيد أدلة القائلين بالوجوب..ولم يثبت أصلاً عدم الوجوب أو ما يثبت جواز إظهار الشعر..هذا فضلاً عن أنه تكلم عن الحجاب بمفهوم غطاء الرأس فقط..وهو تفكير ضحل يدل على جفاء تام بين الرجل وبين النصوص..ثم علمت بعد ذلك أنه محتال كبير ليس أزهرياً ولم يحصل علي دكتوراة ولا خلافه..وأنكره الأزهر وأنكر معرفته به..وإنكشف الغطاء عن ذلك اللغو الإعلامي الذي أثير بعد نشر أكاذيب هذا الضال المضلل الكذاب..
هناك شبهة أيضاً تدور على أن المقصود بضرب الخمر على الجيوب مقصود بها العنق فقط..وهذا كلام متخبط مختلط..فالمرأة مأمورة بضرب الخمار على العنق والنحر..وهو آخر شيء كان ظاهراً من المرأة في ذلك العصر..فالنساء كانت مستترات من أول الشعر..بدليل إرتدائها للخمار..إلي قدمها بدليل عدم ظهور الخلخال ولا حتى صوته..ولكن يظل النحر والعنق ظاهران..كما قلنا من قبل هو المعروف في عصرنا بال "إسبانش"..فأمرهم أن يشدو من خمرهن "غطاء الرأس" ليغطوا به العنق والنحر..وهي الصورة التي نعرفها اليوم من الحجاب الذي ترتديه النساء..قطعه قماش واحدة هي في الأساس لتغطية الرأس ثم يتم إسدالها من الأمام فتغطي رقبة الفتاة ونحرها..فالأمر بتغطية الجيوب بالخمار ليس أمراً بخلع الخمار من الرأس ووضعه على الجيوب..بل هو أمر بإستخدام جزء من نفس الغطاء لتغطية منطقة الجيوب..فخمار المرأة إذا أطلق ونسب للمرأة فهو في اللغة ليس له معنى إلا غطاء الرأس..فتغطية الجيوب به لا تعني أبداً نزعه من علي الرأس..بل تعني جعله غطاء واحد للرأس والجيوب..
أخيراً من عجائب الأقوال وغرائب الإدعاءات أن يقال أن الحجاب من أسباب إنتشار ظاهرة التحرش والتي إنتشرت في بلاد الإسلام أكثر من الغرب العلماني المتبرج..وهذه الشبهة مصدرها الخلط و الفتن التي نعيشها في الزمان الأخير حيث أن معظم الفتيات اليوم والنساء اليوم تقصر الحجاب على غطاء الرأس..ولا تكاد تستر من زينتها شيئاً..بل تتسابق الفتيات في إبراز الزينة بكل طريق وأي طريق..سواء بالملبس الضيق الذي يصف حجم عظامها و يرسم حدود جسدها..مع وضع المكياج علي إختلاف درجاته وربما تخرج المحجبة خصلة من شعرها لتزيد زينة وجهها..مع التعطر والتبختر والخضوع بالقول والعين..ولست أقول أن هذا سبب التحرش فالتحرش له أسباب أخري..ولكني أقول أن هذا أصلاً ليس حجاباً..لندعي أن التحرش زاد في مجتمعنا المليء بالحجاب..إن الحجاب في زماننا وبلادنا قليل قليل..فالحجاب في حقيقته هو فقه لغاية الملبس قبل وصف الملبس..وفقه للتعامل قبل تقييد التعامل..وطهارة لقلوب النساء والرجال قبل كونه حائل بين النساء والرجال..وهو ما نفتقده في زماننا وبلادنا..أما التحرش فإنه له أسباب أخري..جعلته ينتشر في بلاد الغرب رغم الحرية الجنسية هناك بنفس كثرة إنتشاره في بلادنا وليس أقل كما يدعي المنكرون..فاليابان قررت فصل النساء عن الرجال في المواصلات والمدارس..وفي النرويج رأينا إمرأة صنعت لنفسها حاجزاً حديدياً أحاطت نفسها به لتمنع عنها التحرش..وفي أمريكا أعلي نسبة للتحرش والإغتصاب تحت تهديد السلاح..وفي بلادنا يتم التحرش في المواصلات وأماكن التجمع والزحام والإختلاط..مما يدل علي عامل مشترك بيننا وبينهم وهو طبعاً لايمكن أن يكون الحجاب..فالحجاب لم يسبب كبتاً للشباب..ولم يثر غريزة الشاب الأعزب..ولم يحرك شهوة الفتي الغير شهواني ليدفعه حتي يخرج عن حدود الأدب والشرع والأخلاق..هذا الكلام لا يستقيم في عقل سليم..ولكن العوامل المشتركة في العالم هو الإنتشار الفاحش للمثيرات والفحش في الإعلام وعلي الأرض..في السينما والتلفزيون والإختلاط المتخطي للحدود..فتجد التحرش من الرجل المتزوج كما تجده من الأعزب..وتجده من الشاب الماجن الذي يحيا حرية العلاقات النسائية الكاملة..فالأمر ليس كبتاً جنسياً..ولكنه رغبة مفرطة ومتعدية ومتخطية للحدود الأخلاقية والدينية مهما كانت درجة الإشباع..لأن العلة مرض في القلب وليست صرخة من الجسد..مع إنحسار حقيقي وكبير للإلتزام الديني ومخافة مقام الله..ونهي النفس عن الهوي..
طال بنا الكلام في الشبهات..ونختم سلسة الحجاب في المقال القادم نتكلم فيه عن أثار عمر أبن الخطاب وإبن عمر..وبعض الأحاديث وأسباب النزول ..نسأل الله السداد.