الخميس، 14 أغسطس 2014

الدجال..نظرة عن كثب

تعني كلمة الدجال لغة الكذاب أوالمخادع..ووصف المسيح الدجال هو وصف إسلامي..يقابله في النصرانية المسيح الكذاب..أو النبي الكذاب..وبرغم اختلاف المعتقد الإيماني في الدجال بين الديانات إلا أنهم مجمعون علي الإيمان بظهوره..فاليهود ينتظرون المسيح ليحكم بهم العالم ويضعهم فوق رؤوس الخلق..لأنهم لم يؤمنوا بعيسي عليه السلام كنبي..والنصارى ينتظرونه كإله يقوم بعد الموت..ويصعد للسماء ثم يعود في نهاية العالم ليضع بقية البشرعند حجمهم الحقيقي ويغفر للنصارى..ويخبرنا الإسلام بخروج دجال في آخرالزمان يدعي النبوة-ليجمع اليهود-ثم الألوهية فيجتمع له الكفرة من كل الأرض ويفرق عنه كل ذي لب..ويحدث له حادث لا نعرفه على وجه التحديد كحادث أوإشتباك تفقأ فيه عينه..فيصيرأعورا..ولا يعنينا التفصيل..فالنبوءة قالت أن بعد إدعاءه الألوهية تطمس عينه..ويحذرنا منه فإنه كذاب فلا هو بنبي ولا بإله ولكنه علامة من العلامات الكبرى التي إن خرجت لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أوكسبت في إيمانها خيراً..ويخبرنا أيضاً أنه أعتى فتنة تأتي علي الأرض وأن كل الفتن التي يتعرض لها بني الإنسان ما هي إلا مقدمة لفتنة الدجال فمن سقط في الفتن في حياته ذلت قدمه مع الدجال..ومن عصم نفسه من الفتن عصمه الله من الدجال..
هذا تلخيص سريع لمجمل النظرات الدينية للدجال..والآن تبرزالمشكلات التي تجعلنا ننظر للدجال عن كثب..
هل هو من البشر أم أنه من غيرهم؟؟
هل هو موجود ومن أهل الدنيا أم أنه لم يولد بعد؟؟
هل هناك علامات سابقة لخروجه ؟؟
لماذا لم يذكر بالتحديد في القران ؟؟
كيف يخرج ويفتن ولا ينتبه له الكثير من الناس..برغم انتشار خبره في الاسلام علي وجه الخصوص؟؟
لماذا ينكره المنكرون ؟؟
هذه خطوط عريضة لما سنتكلم عنه ويأتي تفصيلها

بدايةً فإن الدجال علي الأقوال المشهورة لم يذكر عنه في كل ما روي عنه أنه من البشر كما لم يذكر أنه من الشياطين ولكننا نعتقد أن هناك إشارات تدل علي طبيعته المختلفة عن البشر..
فنحن نعلم مثلاً من مجمل الأحاديث ومن حديث الجساسة تحديداً أنه بالفعل كان موجوداً من عهد النبي عليه السلام أي يمكننا القول بأنه من المنظرين..ولا يشترط أن ينظر إلي يوم يبعثون ولكنه منظر إلي حين..وهذا الحين عندنا هو قتله علي يد عيسي ابن مريم عليه السلام..
ويؤكد هذا قول الرسول في غير موقف "إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجكم دونه"
وقوله" ما من نبي إلا وحذر قومه الدجال"..وقوله لعمر في ابن صياد" إن يكن هو فلن تسلط عليه وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله"..وكقول إبن صياد نفسه دفاعاً عن نفسه"إني لأعلم أين هو الآن في الأرض وأعرف أبويه"..

وعلى القول أنه من البشر المنظرين فهناك من يري أنه لم يكن ليخرج من حديث رسول الله "ما من نفس منفوسه علي الأرض يأتي عليها مئة عام وهي حية"
لذا فإنه يرجح أنه من الجن أو الشياطين..ويجوز أنه من البشر ولكنه من المنظرين ويستثني من حديث المئة عام لأنه معروف بأنه خارج لا محالة فلا معني لإستثنائه لفظاً..الأمر غير مجزوم به ولكن بإمكاننا أن نفهم أنه خلق مختلف ربما لم نعرفه أو يمرعلينا..صفاته الجسدية جسيمة لم نألفها كما أنه من الخلق المنظرين..

ثانياً من حديث الجساسة سنجد أن الدجال يتكلم عن أشياء مثل نخل بيسان وعين زغر وبحيرة طبرية..ولنا هنا ملاحظة مرت علي الكثيرين بغير إنتباه..لأن الدجال لم يربط بين خروجه وهذه الإشارات بشكل مباشر كما يظن الكثيرون..فقد سأل عن نخل بيسان ثم قال يوشك أن لا يثمر ولم يذكر أنه علامة خروجه..وسأل عن بحيرة طبرية وقال أن ماءها يوشك أن يذهب..ولم يقل أنه علامة خروجه..وعن عين زغر وزراعة أهلها منها ولم يعقب علي الأمر برمته..هنا نتنبه لنقطة غاية في الدقة..فإن ذهاب ماء طبرية ليس لزاماً لخروج الدجال بل ذهاب بعضه أو كثير منه فقط هو علامة زمان الدجال..وكذلك نخل بيسان..ومما يدل علي ذلك حديث يأجوج ومأجوج الذي يقول النبي فيه أنه يأتي أولهم علي طبرية فيشربون ما بها من الماء حتي يأتي آخرهم فيقولون كان هنا يوماً ماء.. ونحن نعلم أن يأجوج ومأجوج يأتون في عهد عيسي أي بعد الدجال..وهذ يدل علي عدم ذهاب ماء طبرية بالكامل قبل ظهور الدجال..بل يتبقي فيها ما يكفي ليشرب منه يأجوج ومأجوج الكثير ولكن لا يكفيهم كلهم لذهاب معظمه..
ومن هنا نعلم أن كلمة الدجال "يوشك ماؤها أن يذهب"لم يقصد بها علامة خروجه بل أنه الشر الذي إقترب وهو خروج يأجوج ومأجوج..والذي بخروجهم يوشك الماء أن يذهب..
ومن مجموع الأحاديث في السنة يمكننا أن نعرف العلامات السابقة للدجال..منها مثلاً فتنة الدهيماء التي ذكرها رسول الله في حديث الأحلاس والسراء- والتي يعتقد البعض أنها الثورات العربية -وقال أنها تقسم الناس لفسطاطين..فسطاط إيمان وفسطاط نفاق..و قال أنها تلبث إثني عشرعاماً..اذا رأيتم ذلك فانتظروا الدجال من يومه أو من غده..ومنها وصفه لهذه الفتنة بالصماء العمياء التي تمور مور الموج في البحر..ترمي بالناس إلي الدجال..ومنها وصفه لها أنها تحسر الفرات عن جبل من ذهب..أي أن الإنحسار وظهور الذهب والقتال عليه..علامة لخروجه وهذه العلامة من جفاف الفرات مذكورة في رؤيا يوحنا في الكتاب المقدس.."حيث يسكب الملاك السادس جامه علي النهر الفرات الكبير فيجف ماؤه "..

ومنها الملحمة الكبري بين المسلمين والروم..يشترط المسلمون ثلاث شرط..حتي إذا غنموا الحرب صرخ فيهم الصريخ أن خلفكم الدجال في أهليكم..
ومنها ثلاث سنوات من القحط تحبس السماء ثلث مائها والأرض ثلث ثمرها..ثم ثلثي الماء والثمر..ثم كل الماء وكل الثمر..

أما عدم ذكره في القرآن فهو أمر طبيعي..فالقرآن لا يذكر الفتن و لا يفصلها..إن يأجوج ومأجوج ليسا فتنة بل هما أيات وعلامات لا ينفع الناس إيمانها لم يكونوا آمنوا من قبل اذا خرجت وكذا الدابة التي تكلم الناس ليست بفتنة..
والأمر طبيعي أن لا تذكر الفتنة في القرآن.. وإلا فكيف يكون فتنة اصلاً..وإذا عرفه كل الناس بصفته ووصفه في القرآن لم تكن فتنته عظيمة بل لجاء وذهب ولم يفتن مخلوقاً..بل إني أضيف أن إنكار الدجال في عصرنا هذا من الفتن بل هو طبيعي و منتظر حتي يتناساه الذين سيتناسوه ويقل ذكره ومعرفة الناس به حتي اذا خرج لم يعرفه الكثير بصفة وكأن النبي لم يذكره بحال أصلاً..

الحاصل أن فتنته كفتنة قتل عثمان و الفتن الكبري في التاريخ لايذكرها القرآن ليس تفريطاً وإنما إمتحاناً لأن الفتنة لا تكون اختباراً إلا إذا إختلط فيها الحق والباطل فلا يراها علي حقيقتها إلا من أراه الله الحق حقاً والباطل باطلاً..فالفتن المرتبطة بحادثة معينة في زمان معين يختلط فيها الناس ويتلبس الباطل بصورة الحق ويلتبس الأمر علي الناس هي بحق الفتنة العظيمة والإختبار..فلا يصح تشبيهها كما قال قائل بفتنة المال والبنون المذكورة في القرآن فهي فتنة يومية مزمنة علي مدار الساعة نخلط فيها عملاً صالحاً وآخر سيئاً..وهي من مقدمات الدجال فإذا عصمنا منها أنفسنا عصمنا الله من الدجال..نسأل الله العافية..
أما لماذا ينكره المنكرون فهذه مشكلتهم.. حيث أنهم منكرون للحديث اصلاً ولا يعتقدون في النقل من الأساس..ولم تنكره فرقة من الفرق علي مدار التاريخ الاسلامي غير القاديانية وهم ليسوا بمسلمين..ثم من بعدهم من عرفوا بالمدرسة العقلية الحديثة..كمحمد عبده وتلاميذه..وهم من تجرعوا فلسفة "كانت " و " نيتشه " وغيرهم ثم لم يتقيؤها فاختلطت بدمهم وعظامهم..وصاروا ينكرون المعجزات من الاساس وينكرون الخوارق..ويقولون بالمذهب المادي وجبرية العالم وعدم إنفكاك الأسباب عن المسببات..وخلطوا ذلك بالايمان فخرج ذلك المذهب الواهي المجادل..وقد اندحرت الفلسفة الجبرية وانحصرت في عقول الماديين فقط..ولم تعد تلقى قبولا عند من عنده قدر من العلم الحقيقي الذي يعرف الأن في عصرالعلم.." إن الفيزياء الحديثة تحيا في تخوم الميتافيزيقا (ما وراء الطبيعة)" الجملة الأخيرة قالها أحد الحاصلين علي نوبل في الفيزياء في خطبة تسلمه للجائزة "..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق