الجمعة، 11 يوليو 2014

تباً للجميع ..

عندما كنت طفلاً..كنا إذا سمعنا عن اليهود..نستشعر الغضب ونتقمص شخصية عبد الناصر..الذي يتحدى ويأمم القناة..ويسب اليهود..ويجعلهم يخبطون ويتخبطون من الغيظ بل ربما من الخوف..أو نتقمص شخصية السادات الذي كدر حياة اليهود..أو ربما نتقمص شخصية رأفت الهجان الذي خدعهم وجعلم أضحوكة وإنهارت على يديه أسطورة الذكاء اليهودي..ربما كنا أطفالاً لا نعي ما نصنع..أو مخدوعين في ما نسمع ونرى..ربما كنا نحلم بالبطولة..وبصولات وجولات المحارب المنتصر..الذي إذا ذكر إسمه أمام العدو..إرتعد وإنتفض وهب من مكانه ليقف مستعداً للموت أو هارباً منه..
كبرت..لأرى بعيني..
رأيت مئة ألف عبد الناصر متغطرس بلا داعي..يملأ حياتنا بالكلمات..وفي الحرب تنهار الكلمات..رأيت البطل المهزوم يقف باكياً على قبور الأطفال والنساء..يبكي كالنساء..لا صولة ولا جولة..ولا تداول للأيام بين الناس..رأيت البطل الذي حلمت به أو حلمت أن أكونه..يسقط..وتنهار معه صورة المثل الأعلى..لم أرى إلا الدموع..والحزن..والألم..والهزيمة..والإنكسار..
شحوب..شحوب..على مد عيني..وشمس كأمنية خائبة..
البطل جثة هامدة..لم يقاتل ولم ينتفض..ظل واقفاً..حتى أتاه العدو..فلم يقاوم..مات غير مأسوف عليه..هلك عن غير بينة..ولا يقين..
لم يفهم أصلاً لماذا عاش..ولماذا يموت..
ستون  عاماً من الترقب..وأتاه العدو غفلة..
تباً لهذا البطل..تباً لكل أبطالنا الذين خذلونا..
تباً للأحلام التي حلمناها ولم تصنع فينا بطلاً واحداً..
تباً لمن جعلونا نحلم ونتحدى ونتوعد..ثم تركونا في مفترق الطرق كالأطفال تائهين حائرين..لا نعرف أين نذهب ولا كيف نعود..
اللعنة على طفولة الأحلام..
ليتني أعود الأن طفلاً..لأسأل كل من ملأوا مخيلتي بالبطولة..هل كنتم أبطالاً بحق..أم أنكم خدع وظلال لا حقيقة لها..تتبدد عندما تسطع الشمس على حقيقتكم المرة..سأتتبع خطواتي مرة أخرى لأرى كيف أخطأت وخدعت وسرت خلف أوهام..جعلتني اليوم أباً لا أعرف ماذا أحكي لأبنائي من قصص البطولة..أأحكي ثم أقول لهم لا تصدقوا..كل ما قلت لكم هراء وكذب..أم أجلس معهم أبحث عن قصة..عن بطل..عن أمل..عن حلم أخر لأجعلهم يحلموا به..ثم ينهار غداً مع أول ضوء للنهار القريب..ليعيشوا ما عشت..وكفى
تباً لكل ما عشناه وما نعيشه من هوان..
تباً للجميع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق