يقول رسول الله "إذا لعن آخر هذه الأمة
أولها..فمن كان عنده علم فليظهره فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل على محمد"..لقد
صدق الرسول وتغير الزمان ولعن أخر الأمة من جاءوا في بدايتها..فتوجب إظهار العلم
خاصة في هذا الزمان الذي لم يعد كثير من الناس يهتم بالعلم..بل لم يعد
لأحد رغبة في السماع من شيخ أو عالم..لإنتشار الفتن وإختلاف الناس في المذاهب والأهواء..قديماً
في عصر التنزيل كان الناس يستمعون للنصوص بكل جوارحهم لما للنبي عندهم من مكانة
ولما عندهم من فهم صاف للنصوص ببساطة ومعرفة للغة فلم يكن النبي يحتاج إلى شرح
النص..بل كان يقرؤه النبي على الناس ولا يكاد يتجاوز التلاوة حتى يبدأ الناس في
التنفيذ..فلم نسمع أن النبي جادل أو شرح وأفاض في إقناع الناس..ربما فقط يفسر كلمة
أو يصلح معناها عند الناس بما ييسر الأمر أكثر عليهم..وكانوا متقبلين للأحكام على
ما هي عليه في كل حال..ما أمر الله به ورسوله كان أمراً محسوماً..و"ما
كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن تكون لهم الخيرة من أمرهم"..ولم
يكن عندهم فرض و واجب و مندوب ومستحب..بل كل ما أمر به الرسول فهو واجب النفاذ..وقد
علموا أن النبي جاء برفع الإصر عن الأمة فما أمر به رفع به إصراً ووضع به حداً
وفتح به باباً للجنة وأغلق به أبواباً للجحيم..ولكن تطاول الزمان وإنتشرت الفتن وأكثر الناس من الجدل وعلم الكلام..وقل العلماء الذين يتدينون بما
يعلمون..
في هذه السطور نتناول بعض الحقائق المعروفة
والغائبة عن الحجاب وبعض أكبر الشبهات حول الحجاب ونسأل الله أن يكون كلاماً
فصلاً في المسألة..
بدايةً يجب أن نعرف أن الحجاب الذي نزل في القرآن لا علاقة له بما نتجادل حوله اليوم..فكلمة الحجاب ذكرت في القرآن بمعني الساتر أو الحاجب..كقول الله "وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب"..أما الذي نتجادل حوله في هذا الزمان..فإنما نزل في القرآن تحت إسم "ستر الزينة" أو "الخمار"..فالحجاب في حقيقته هو ستر الزينة بالكلية والتي منها "الشعر"..فغطاء الرأس هو فقط جزء من كل..وهو شيء من الزينة يجب ستره مع باقي الزينة..ولكن تم إختذال هذا المسمي "الحجاب" من معناه بمعنى الساتر..و معنى "ستر الزينة" إلى تعريف ضئيل وهو غطاء الرأس..ثم بدأ المجادلون الذين إختذلوه في الإلحاح علي أن تغطية الرأس لم ترد نصاً وأن تغطية الشعر موروث وعادة..وكثير من هذا الخلط والإلتباس..ومن ثم يجب خلع غطاء الرأس..أو على الأقل لا نطالب به بناتنا ونساءنا..وهنا نعطي مزيداً من التفصيل بالقرآن- فقط -وليس إستناداً إلى السنة لأن منكري الحجاب هم من منكري السنة أو على أقل تقدير ممن لا يقدروها حق قدرها..فرأيت أن إلزام الحجة وتبيين المحجة يكون بالقرآن فقط حتى تقوم الحجة والبيان على من أنكر ولا يجد عذراً واهماً أمام نفسه من ضعف حديث أو ظنية ثبوت..ليحيا من حي عن بينة..
بدايةً يجب أن نعرف أن الحجاب الذي نزل في القرآن لا علاقة له بما نتجادل حوله اليوم..فكلمة الحجاب ذكرت في القرآن بمعني الساتر أو الحاجب..كقول الله "وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب"..أما الذي نتجادل حوله في هذا الزمان..فإنما نزل في القرآن تحت إسم "ستر الزينة" أو "الخمار"..فالحجاب في حقيقته هو ستر الزينة بالكلية والتي منها "الشعر"..فغطاء الرأس هو فقط جزء من كل..وهو شيء من الزينة يجب ستره مع باقي الزينة..ولكن تم إختذال هذا المسمي "الحجاب" من معناه بمعنى الساتر..و معنى "ستر الزينة" إلى تعريف ضئيل وهو غطاء الرأس..ثم بدأ المجادلون الذين إختذلوه في الإلحاح علي أن تغطية الرأس لم ترد نصاً وأن تغطية الشعر موروث وعادة..وكثير من هذا الخلط والإلتباس..ومن ثم يجب خلع غطاء الرأس..أو على الأقل لا نطالب به بناتنا ونساءنا..وهنا نعطي مزيداً من التفصيل بالقرآن- فقط -وليس إستناداً إلى السنة لأن منكري الحجاب هم من منكري السنة أو على أقل تقدير ممن لا يقدروها حق قدرها..فرأيت أن إلزام الحجة وتبيين المحجة يكون بالقرآن فقط حتى تقوم الحجة والبيان على من أنكر ولا يجد عذراً واهماً أمام نفسه من ضعف حديث أو ظنية ثبوت..ليحيا من حي عن بينة..
الأيات في القرآن 1- "وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا
ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ
بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ
ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ
إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ
أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ
أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ
أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ
أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ
أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ
غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا
عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" سورة النور 31
2- "وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ
اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ
ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ
لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" النور 60
3- "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ
كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ
فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا"
الأحزاب 32
4-
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا
أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَٰكِنْ إِذَا
دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ
لِحَدِيثٍ ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ۖ
وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ۚ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا
فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ۚ ذَٰلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ
وَقُلُوبِهِنَّ ۚ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن
تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا ۚ إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ عِندَ
اللَّهِ عَظِيمًا " الأحزاب 53
5- يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ
وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ
أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا"
الأحزاب 59
هذه الآيات الكريمة السابقة هي الآيات التي نزلت
صراحة تتكلم عن ستر الزينة والإحتجاب في القرآن..ولعل الإلحاح المتكرر في القرآن
على ستر الزينة وإحتجاب النساء عن الرجال كان يكفي ولكن نحتاج اليوم أن
نشرح هذه الآيات البينات الواضحات لمن ليس عندهم قوة في اللغة العربية
بدأ الله سورة النور..بقوله "سورة أنزلناها
وفرضناها " وهذا الكلام يعني أن كل ما يأتي في السورة هو
فرض عين على الأمة لا يحل لأحد أن يتخلى عن الإلتزام به..فكان الأحرى بمن أنكر ستر
الزينة..أن يتأنى قبل الإندفاع بغير دليل..ففي الآية 30 قال الله للنبي
"قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" ثم في الآية 31 قال له "قل
للمؤمنات " فسياق الآيات واضح والخطاب فيه شديد الجلاء..موجهٌ لعموم الناس
الذين يصفون أنفسهم بالمؤمنين والمؤمنات..فليس في الآية تخصيص لزوجات النبي ولا
تخصيص للرجال بالصحابة..فأمر الله المؤمنات أن لا يبدين زينتهن..ولأن الآية فرض
فإستثنى الله "ما ظهر" وسياق الآية يفهم منه "ما ظهر" أنه ما
ظهر منها عن غير عمد وهي بارزة للناس فتبادر إلى ستره..وإلا فلا يوجد ضابط ل
"ما ظهر"..وحينها فبإمكان أي إمرأة أن تخرج عارية وتستر سوأتها وتقول أن
ما بقي منها هو"ما ظهر"..هذا كلام باطل..وسيأتي الدليل عليه بعد حين..فجسد
المرأة في نفسه جعله الله زينة..فكل ما بدا من المرأة في عيون الرجال مبتغى وله من
يبحث عنه..على إختلاف أهواء الرجال وإختلاف النساء..حتى وصل الأمر لصوت المرأة..فأمر
الله نساء النبي اللاتي يفترض بهن أن لا يطمع فيهن ذوو المرض أن لا يخضعن بالقول..فكانت أمهات المؤمنين يُغلّظن أصواتهن مع الرجال..وهن
من هن في الأمة..وهن أمهات للمؤمنين..فكيف الحال بمن كانت واحدة من سواد نساء
العالمين..ألا يُطمع فيها إن لانت بالقول لمن كان في قلبه مرض؟؟
الخلاف السائد هنا هو في إعتبار الشعر عند المرأة ليس بزينة..فقائل
هذا القول من الرجال يقع في مغالطة كبيرة..أو هو لا يعرف ما هي الزينة من الأساس..فشعر المرأة من أكثر ما تملكه النساء
زينة لها ولوجهها وعلامة على أنوثتها..والفرق واضح لمن كان عنده علم بالناس من
الرجال ولمن كانت عندها إنصاف من النساء بين إمرأة شعثاء الشعر شعرها مهمل منتشر
مثلاً..وبين من لها شعر ناعم ومنتظم وممشط..وبين من تساقط شعرها لعارض أو
مرض..وبين من تقص شعرها إلى حد التشبه بالرجال..بل من النساء الغير محجبات من إذا
ضاق بها الوقت عن تصفيف شعرها سترته بالحجاب حتى حين..ولعل أصدق ما تناوله الناس
هو تسمية مصفف الشعر "مزين"..فالقائل بأن شعر المرأة ليس زينة لها..ولا
يضيف للمرأة جمالاً..هو بلا ذوق..أو هولا يعرف النساء ولا يعرف
الفرق بين تعامل النساء والرجال مع الشعر ولا نظرة المرأة إلي شعرها وإفتخارها أو
خجلها منه..بل لم يرى حتى طفلة تصفف شعرها..وإن كانت إمرأة فهي تخالف فطرتها و تعرف في قرارة نفسها أن شعرها زينة لها..فليحذروا..لأن الأوامر في سورة
النور للفرض وليست للإستحباب..
الحاصل هنا أن "ما ظهر" هو ما يظهر من المرأة بلا
تعمد كأن يسقط من شعرها شيء من تحت الخمار "الطرحة" أو يبدو شيء مما ترتديه
من الزينة الداخلية لتكشُّف عارض من الهواء أو إنحسار الثوب فجأة لأي سبب..فليس
عليها جناح والله يغفر ذلك..
ثم يقول الله "وليضربن بخمرهن على جيوبهن" ولا أعرف
أحداً يختلف في أن نحتكم إلي المعجم إذا إختلفنا في معنى كلمة من الكلمات..فلو
ذهبنا إلى المعجم لوجدنا كلمة "خمرهن" جمع لكلمة خمار..الذي هو في كل معاجم اللغة.."هو كل ما
يستر..ومنه الخمر لأنها تستر العقل ومنه خمار المرأة وهو غطاء رأسها..والعمامة من
الخُمُر لأنها تستر رأس الرجل"..إنتهى من المعجم.
وقد
ورد عن النبي أنه كان في الوضوء يمسح علي الخمار أي العمامة لأنها غطاء الرأس..وقد
كان تبرج الجاهلية هو أن ترخي النساء الخمر من فوق الرأس إلي الخلف وتترك
الجيوب-الصدر والعنق-غير مستورة..أي يشبه إلي حد كبير ما نعرفه اليوم في هذا
الزمان بال "إسبانش"..فأمر الله النساء بضرب الخُمُر-غطاء الرأس-
علي الجيوب لا من الخلف..ومع الأمر بتغطية الجيوب لا ينتفي أن يظل الخمار غطاءاً
للرأس ولم يستبدل بأن يكون غطاءاً للجيوب..أي أن الساتر الذي يغطي زينة الرأس هو
غطاء للرأس والصدر والعنق –وهو ما يطلق عليه اليوم مجازاً "حجاب"..وحقيقة
إسمه شرعاً "خمار"..وبشكل مبسط (الخمار هو غطاء الرأس..فإذا ذكر على أي حال فهو غطاء الرأس فقط..فمثلا الإزار أو السروال أو الملحفة أو القناع تغطي الجسم أو أجزاء منه لكن لا يقال عليها خمار..فلما يقول إضربي بالخمار على الجيوب..معناه أن شدي من غطاء رأسك وغطي به عنقك وصدرك(النحر)..وهذا ليس معناه "شيليه من على راسك وحطيه على العنق"..بل المعنى إنه خمارك غطاء رأسك لا تسدليه من الخلف زي الجاهلية الأولى..لكن غطاء رأسك إسدليه للأمام لتغطية العنق والصدر..)
ثم مرة ثانية ينهى الله عن إبداء الزينة إلا
إلي أفراد كالزوج والمحارم..فهذا إلحاح من الله في سورة مفروضة على وجوب ستر
الزينة..فما الذي يفهمه المنكرون من إلحاح كهذا..فليتفكر أولوا الألباب..
ثم يأتي النهي
مرة أخرى عن الضرب بالأرجل حتى لا يُعلم ما خفي من الزينة..ومعلوم بضرورة العقل أن
الزينة التي تُعلم بالضرب بالقدم..إنما تكون زينة القدم وهو "الخلخال"
لأن الضرب بالقدم ليس من شأنه إلا إصدار صوت الخلخال وهذا دليل واضح على عدم جواز
ظهور قدم المرأة أصلاً بكاملها إلى الموضع الذي يوضع فيه الخلخال فضلاً عن ظهور
صوت الخلخال..كما أنه دليل أوضح على عدم جواز إظهار خصلة الشعر التي تسدلها بعض المحجبات لا سيما إن كان الشعر مصبوغاً..فهو زينة مخفية لا يحل أن
تبدو ولا يعلم الناس شكلها فضلاً عن لونها..فالمرأة من عند غطاء رأسها إلي عنقها
وصدرها "الجيوب" نزولاً إلى موضع الخلخال منها مأمورة بالستر..فالمرأة مأمورة بأن لا تبدي بل وتجتهد في
إخفاء كل ما هو زينة..حتى بما يستثنى من الحجاب كالوجه والكفين مقيد بما إذا لم
يكن عليهم زينة لعموم قول الله "ولا يبدين زينتهن"..الآية واضحة بشكل مذهل ما كنا نحتاج فيها إلى مزيد تفصيل..
ومع هذا
فإن الله يأتي مرة أخرى في سورة الأحزاب الأية 59..فيقول "قل لأزواجك وبناتك
ونساء المؤمنين" وأنا أسأل بصدق..ما الذي تعنيه تحديداً كلمة "نساء
المؤمنين" هل كان يقصد بهم أزواجه اللاتي ذُكرن قبلها..أم يقصد بها المؤمنات
زوجات المؤمنين..الأمر واضح لا لبس فيه أن كل من تصف نفسها بالإيمان أو تظن أنها
من أمة القرآن فهي مخاطبة بنفسها وشخصها في هذه الآية أمراً من الله وخطاباً من
الرسول..بأن "يدنين عليهن من جلابيبهن"..والجلباب أيضا في المعجم "هو الملحفة أو القناع وهو
ثوب يستر الجسد كله بلا استثناء ويوصف بأنه قميص واسع له أكمام وغطاء
للرأس وهو للرجال والنساء" إنتهى من المعجم.
وهو قريب مما نراه اليوم في أثواب أهل
المغرب..ليس مطابقاً وإنما قريب إلي حد كبير..
ومن هنا يتضح أن الله إستخدم كل الألفاظ التي
تتكلم عن أغطية الرأس..هكذا نزلت الآيات وهكذا فهمها الأقدمون والمحدثون..وأطاعوا رسول الله فور أن نزلت الآية..بلا جدال..وعرفوا
أنه الحق..ليس تشدداً ولا رمزاً طائفياً..بل كان أمراً إلاهياً ونبوياً..فلا
يُتصور أن النبي يُلزم نساءه ونساء المؤمين بما لا يلزم..أو بأمر فيه تشدد..أو
بأمر لا يكون فرضاً واجباً..وهو الذي جاء برفع الأصار والأغلال..عزيز عليه ما عنتّم..حريص
عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم..
ولم ينظر الصحابة والصحابيات لستر الزينة
"الحجاب" على أنه تقييد أو محل جدال لموضع العورة أو وصف الثوب أو جدال
عن الشعر هل هو زينة أم لا..بل عرفوا أن الغرض من الحجاب هو رفع الفتنة ومنعها ولا
يحصل ذلك بالثوب الضيق أو الشفاف أو القصير..ومدار الحجاب ليس هو العورة..فالعورة
لا يجوز كشفها حتى للمحارم من الرجال..أما الحجاب فهو شيء فوق ستر العورة وهو ما
حيل به بين النساء والأجانب من الرجال..فإنما أُمرن بالحجاب لأنه أذكى وأطهر لقلوب
المؤمنين والمؤمنات..
ومن آية "ولا يخضعن بالقول" وعموم الأدلة
على عدم التعطر وغيره..يظهر لنا أن الله حرم على المرأة كل ما يدعو للفتنة..ولهذا كانت الشروط التي وضعت للحجاب كلباس
للمرأة مستمدة من نصوص الكتاب والسنة كما نص عليها الدليل..هي سبعة شروط..وهي: أن
يستر جميع البدن إلا ما إستُثني..أن لا يكون زينة في نفسه لأنه في الأساس ستر للزينة..أن
لا يشف ويصف ما تحته وإلا فقد معناه وغرضه..أن يكون فضفاضاً غير ضيق..أن لا يكون
معطراً لنهي النبي المرأة عن التعطر خارج بيتها..أن لا يشبه لباس الرجل(للعن
المتشبهين من الجنسين بالأخر)..أن لا يشبه لباس الكافرات لعموم الأمر بمخالفة
المشركين والكفار(وهذا امر فيه سعة)..أن لا يكون لباس شهرة وهو أمر مقيد بالنية.
إستكمال هذا المقال في مقال أخر حتى لا يطول
أكثر من اللازم..للكلام على شبهات: فصل عورة الحرة والأمة..وآثار عمر ابن
الخطاب..و ورود الحجاب في الديانات السابقة وشبهة العادة..وغيرها من شبهات العصر
الحديث..نسأل الله السداد